القاضي وقف له صدقته زمانا حتى يأتي بشاهد آخر، فلم يأت به، ثم إن القاضي أمر بقسمته على الورثة، وكانت رقيقا ومنازل وأرضا، فقسمت واتخذت أمهات أولاد، وعتق ما عتق، وغرس في الأرض شجر؛ ثم إن الذي كان ادعى بالصدقة ظفر بشاهد آخر كان صبيا فبلغ، أو غائبا فقدم؛ قال ابن القاسم: أما ما اتخذ منها أمهات أولاد، وما عتق منهم، فلا سبيل له إليهم، ويتبع بالثمن الورثة؛ وأما ما لم يحبل ولم يعتق، فله أن يأخذه بعد أن يدفع الثمن الذي هو في يديه ممن اشترى، ويتبع بالثمن الورثة، فيأخذ ذلك منهم؛ وأما الأرض فلا يأخذها حتى يدفع لمن هي في يديه ثمنها، وما أنفق فيها جميعا، ثم يرجع هو على الورثة بالثمن، فيأخذ ذلك منهم، بمنزلة الرجل يشهد عليه الرجلان أنه مات وهما عدلان، ثم يأتي الرجل بعد ذلك، وقد كان اشتبه عليهما؛ فإن مالكا قال في مثل هذا؛ هذا القول فيما فات.
قال محمد بن رشد: قوله في هذه الرواية أنه يقضى له بالشاهد الذي أتى به مع الشاهد الأول بعد أن كان قد عجزة، وقضى بقسمة الميراث فاقتسم وفوت، خلاف ما في سماع أصبغ من كتاب النكاح، في رسم النكاح، من قوله فيه: قلت: فإن عجزه، ثم جاء ببينة بعد ذلك، وقد نكحت المرأة أو لم تنكح، قال: قد مضى الحكم، ومثل ما في المدونة؛ إذ لم يفرق فيما بين تعجيز الطالب والمطلوب، وقال: إنه يقبل منه القاضي ما أتى به بعد التعجيز