الإيمان، وأما بعد وفاته، فقد خرج منها إلى العراق والشام جماعة من جلة أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعلمون الناس القرآن والإسلام؛ لأنهم رأوا ذلك أفضل من المقام بالمدينة بعد النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وإن كان الصلاة في مسجده خيرا من الصلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام لعظم الأجر على تعليم الناس الإسلام والقرآن، والله أعلم.
[مواساة الأنصار للمهاجرين]
في مواساة الأنصار للمهاجرين قال: وسمعت مالكا: «لما قدم المهاجرون على الأنصار، قال لهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: واسوهم، قالوا: يا رسول الله، نقاسمهم الثمر، قال: أَوَغَيْرَ ذلك، قالوا: وما هو يا رسول الله؟ قال: يكفونكم المئونة وتقاسمونهم الثمر، قالوا: سمعنا وأطعنا» . قال: إن كان أحدهم لتكون له امرأتان فيخير أخاه في أيتهما شاء. وما قدم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة إلا وما دار من دور الأنصار إلا وفيها الأنصار.
قال محمد بن رشد: في هذا فضل الأنصار في مواساتهم المهاجرين القادمين عليهم، وكفى بالثناء على ذلك قوله عز وجل:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر: ٩] فيما أشار عليهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أن يكفوهم المؤونة، ويقاسموهم الثمر