قال محمد بن رشد: هذه مسألة بينة صحيحة لا اختلاف فيها على أصولهم في أن المجعول له لا شيء له إلا بتمام العمل، وبالله التوفيق.
[إجارة المعلمين]
ومن كتاب البيوع الأول قال: وسئل مالك على إجارة المعلمين، فقال: لا بأس بذلك يعلم الخير. قيل: إنه يعلم مشاهرة، ويطلب ذلك، فقال: لا بأس به ما زال المعلمون عندنا بالمدينة. وسألته عن تعليم أبناء اليهود والنصارى الكتاب بغير قرآن، فقال: لا والله ما أحب ذلك يصيرون إلى أن يقرءوا القرآن. قال: وسألته عن تعليم المسلم عند المعلم النصراني كتاب المسلمين أو كتاب الأعجمية، فقال: لا والله، وكرهه، لا يتعلم مسلم عند النصراني، ولا النصراني عند المسلمين؛ لقول الله تبارك وتعالى:{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة: ٥١] .
قال محمد بن رشد: قوله: لا بأس بإجارة المعلمين معلوم من مذهبه ومذهب أصحابه في المدونة وغيرها. وقد أجمع على ذلك أهل المدينة. فهم الحجة على من سواهم ممن خالف في ذلك، فلم يجز أخذ الثواب على تعليم القرآن، ولا اشتراط الأجرة في ذلك، وأجاز أخذ الثواب ومنع من اشتراط الأجرة. والحجة لمالك ومن تابعه من جهة الأثر إباحة النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الجعل للذي اشترطه على الرقي بكتاب الله تعالى، على ما جعل في النفر من أصحابه الذين مروا بحي من أحياء العرب، فاستضافوهم فلم يضيفوهم، فلدغ سيدهم فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فأتوهم فقالوا لهم: إن سيدنا لدغ، وقد سعينا بكل شيء لا ينفعه شيء، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال أحدهم: نعم والله، إني لراق، ولكنا قد استضفناكم فلم