عبد الملك إذ لا يدرى هل مات من فعلهم كلهم أومن فعل واحد منهم فلا بد لهم لأن يقسموا على الذي يريدون أن يقتلوه؛ لأنه مات من فعله، هذا معنى قوله: وقيل: لهم أن يقسموا عليهم كلهم أنه مات من فعله ثم يقتلون ما شاءوا منهم وهذا الاختلاف إنما هو إذا احتمل أن يكون مات من فعل بعضهم دون بعض، فإذا لم يحتمل ذلك مثل أن يصبوا عليه صخرة وهم جماعة تعاونوا على رفعها إذ لا يقدر بعضهم على ذلك فلا اختلاف عندي في أنهم يقسموا عليهم كلهم ثم يقتلون ما شاءوا، وإن كان ظاهر ما في المدونة أنهم لا يقسمون إلا على واحد منهم، فلا ينبغي أن يحمل على ظاهره لأنه بعيد.
وقد قيل إنهم يقتلون كلهم بالقسامة إذا كان القتل على هذا الوجه، وهو قول سحنون، وقد كان من مضى يقتلون بالقسامة النفر جميعا حتى كان معاوية بن أبي سفيان أو عبد الملك، فحكم أن لا يقتل بالقسامة إلا واحد فرأى ذلك مالك وأصحابه، وقع ذلك في كتاب سحنون وفي الموطأ ما يرد ذلك، وهو قول مالك: ولم يعلم قسامة كانت قط إلا على رجل واحد وبالله التوفيق.
[مسألة: توبة القاتل]
مسألة وسئل عمن كتب إليه والٍ في قتل رجل فقتله ثم أراد التنصل والتوبة فعرض نفسه على أولياء المقتول وأخبرهم، فقالوا له لسنا بقاتليك، إنا نخاف إن قتلتاك عاقبة ذلك ممن وراءك يعنون الموالي فعرض عليهم الدية فأبوا أن يقبلوها.
قال: أحب إلي أن يؤدي ديته إليهم وأن يعتق الرقاب وأن يبكي وأن يتقرب إلى الله بالدعاء والرغبة إليه ويلحق بهذه الثغور، ويحج ويكثر من العمل الصالح ما استطاع، فإن لم يقبل الدية فليعتق وليصنع هذا، ويمكن من نفسه ويتصدق بما استطاع ويكثر الحج والغزو وإن استطاع أن يلحق بهذه الثغور ويكون فيها أبدا حتى يموت