الجارية فولدت، فقال الآخر: قد كنت أعتقتها قبل ذلك، ونتكلم عليها إذا وصلنا إليها إن شاء الله، وبالله التوفيق.
[مسألة: يعتق نصف عبده والعبد خالص له]
مسألة وسألته عن الرجل يعتق نصف عبده، والعبد خالص له، فيجهل أمره، فلا يستتم عتقه عليه؛ ثم يقول له بعد ذلك أعطني كذا وكذا، وأتم لك عتقك ففعل العبد؛ ثم يعلم العبد بأنه لم يكن عليه غرم شيء، وأن استتمام عتقه كان على سيده واجبا، وقد أفلس السيد، وقام عليه غرماؤه، أو مات وهو مليء أو معدم؛ قال: أرى أن يرجع عليه بما دفع إليه إن مات فيما ترك، وإن فلس دخل مع الغرماء؛ وإن كان مليئا غرم له ذلك نقدا، وإن كان عديما، أتبعه به دينا.
قال محمد بن رشد: هذا أصل قد اختلف فيه: من دفع ما لا يجب عليه دفعُه جاهلا، ثم أراد الرجوع فيه؛ من ذلك الذي يثيب على الصدقة، ثم يريد الرجوع في الثواب، ويدعي الجهل، ولها نظائر كثيرة؛ في المدونة والعتبية، قد تكلمنا عليها في غير ما موضع، وأشبعنا القول فيه في رسم أوصى، من سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات، وقلنا هناك: إنها مسألة يتحصل فيها ثلاثة أقوال؛ أحدها: أنه ليس له أن يرجع فيما أنفذ بحال، وإن علم أنه جهل؛ إذ لا عذر له في الجهل. والثاني: أن له أن يرجع في ذلك إن ادعى الجهل، وكان يشبه ما ادعاه مع يمينه على ذلك، وقيل بغير يمين. والثالث: أنه ليس له أن يرجع في ذلك، إلا أن يعلم أنه جهل، بدليل يقيمه على ذلك، وهو قول سحنون في نوازله، من كتاب الصدقات والهبات، وبالله التوفيق.