قال محمد بن رشد: يريد ولا تترك الصلاة في أول ما يصيبها كما لا تتركها المستحاضة. وقوله: وليس عليها غسل، يبين قول مالك في رسم "الشريكين" من سماع ابن القاسم، ويرد تأويل ابن أبي زيد عليه، وقد تكلمنا هناك على وجه قول مالك بما أغنى عن رده، والمعنى في هذه المسألة أنه حكم لها بحكم المستحاضة لما كان الدم يتكرر عليها عند كل وضوء؛ لأن معنى قوله: ترى الدم عند وضوئها، أي تراه عند كل وضوء، فإذا قامت ذهب ذلك عنها على ما قاله في رسم "الشريكين" من سماع ابن القاسم.
ولا إشكال في أن الدم إذا تمادى بها على هذه الصفة يكون حكمها حكم المستحاضة، وحكم المستنكحة أيضا لتكرر الدم عليها في أوقات معلومة، وإنما الذي يشكل من المسألة قوله فيها ولا غسل عليها في أول ما يصيبها؛ لأن ما تراه المرأة من الدم ابتداء هو محمول على أنه حيض حتى يعلم أنه استحاضة، فقوله: إنه لا غسل عليها في أول ما يصيبها معناه إذا كان أول ما يصيبها ذلك في مدة الاستحاضة، مثل أن تكون قد رأت الدم خمسة عشر يوما، ثم جعلت تراه عند كل وضوء، فوجب ألا يجب عليها غسل عند أول ما تراه؛ لأنه استحاضة، إذ لا يمكن إضافته إلى الدم الأول، إذ قد تمادى بها خمسة عشر يوما، ولا أن تجعله حيضة ثانية؛ إذ لا فاصل بينهما من الأيام. وكذلك كل ما تكرر على هذه الصفة إلا أن ترى دما تنكره، وتميز أنه دم حيضة على ما قال في رسم "الشريكين" من سماع ابن القاسم. ومعنى ذلك إذا رأت هذا الدم الذي تنكره بعد أن مضى من الأيام ما يكون طهرا فاصلا من بعد انقضاء الخمسة عشر يوما، وهو الوقت الذي حكم فيه باستحاضتها، وبالله التوفيق.
[تفسير يتيمم بجدار]
ومن كتاب أوصى أن ينفق على أمهات أولاده وسئل ابن القاسم عن تفسير يتيمم بجدار، فقال: