معن بن عيسى عن مالك في الأسرى يكتفهم العدو أياما لا يصلون، قال لا صلاة عليهم إذا تركوا إلا ما أدركوا وقته، وقاله ابن نافع في الذين تحت الهدم، ورواه أشهب عن مالك؛ ومعنى ذلك - عندي في الذين لا يقدرون على الصلاة أصلا بإيماء ولا غيره، أو في الذين ليسوا على طهارة ولا يقدرون عليها بوضوء ولا تيمم؛ لأن الاختلاف إنما يصح في هؤلاء، فعلى ظاهر ما في المدونة أتجب عليهم الإعادة، إذ لم يفرق فيها بين أن يقدروا على الإيماء أو لا يقدروا؛ ولا بين أن يكونوا على طهارة، أو لا يكونوا؛ وعلى قول ابن نافع ورواية أشهب ومعن بن عيسى عن مالك، لا إعادة عليهم.
وفي سماع أبي زيد من كتاب الوضوء في المريض الذي لا يقدر على الوضوء، ولا على التيمم أنه يصلي على حاله، ويعيد إذا قدر على الوضوء أو التيمم، وقد تكلمنا هناك على وجه ذلك.
[مسألة: رجل حضرته الصلاة وهو في سفر وليس معه إلا ثوبان]
مسألة قال ابن القاسم في رجل حضرته الصلاة وهو في سفر وليس معه إلا ثوبان، أصابت أحدهما نجاسة لا يدري أيهما هو؟ قال: يصلي في أحدهما، ثم يعيد في الآخر - مكانه؛ وقد بلغني عن مالك، أنه قال: يصلي في واحد منهما، ويعيد ما كان في الوقت - إن وجد ثوبا - كما قال في الثوب؛ ولست أرى أنا ذلك، يصلي في أحدهما ثم يعيد في الآخر - مكانه، ثم لا إعادة عليه في وقت ولا غيره - وإن وجد غيرهما.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم استحسان؛ لأنه إذا صلى بأحد الثوبين ثم أعاد في الآخر - مكانه؛ فقد تيقن أن إحدى صلاتيه قد خلصت بثوب طاهر - وفيه نظر؛ لأنه إذا صلى في أحدهما على أن يعيد في الآخر،