ذلك أيضا على قياس مسألة نوازل عيسى من كتاب المديان والتفليس، فتدبر ذلك وبالله التوفيق. وأما إذا كان الذي عليه الدين مقرا بما عليه، فصالح عنه بغير ما عليه، ففي ذلك ثلاثة أقوال قائمة من المدونة. . أحدها أنه لا يجوز أن يصالح عنه بما يكون فيه مخيرا بين أن يدفع ما عليه أو ما صالح به عنه إلا أن يكون التخيير يرجع إلى قلة وكثرة.
والثاني إن ذلك جائز، وإن كان مخيرا في كل حال، والثالث أنه يجوز إن كان التخيير يرجع إلى ما يجوز تحويل بعضه في بعض، ولا يجوز إن كان التخيير يرجع إلى ما لا يجوز تحويل بعضه في بعض، وهذه جملة سيأتي تفسيرها في غير هذا الموضع إن شاء الله تعالى، وبه التوفيق.
[تصالح زوجها على عبد في الحضر]
ومن سماع سحنون من عبد الرحمن بن القاسم قال سحنون: وسألت ابن القاسم عن المرأة تصالح زوجها على عبد في الحضر، فوجد به عيبا أو يموت، فتدعي المرأة أنه مات بعد الصلح، وينكر الزوج، قال: على المرأة البينة أنه مات بعد الصلح، أو حدث به عيب بعد الصلح.
قلت له: فإن ثبت أنه مات بعد الصلح، لا يكون فيه عهدة قال: لا، وليس هو مثل البيع.
قال محمد بن رشد: اعترض بعض أهل النظر قوله في هذه المسألة، على المرأة البينة أنه حدث به عيب بعد الصلح، وقال: هذا خلاف أصولهم في أن ما كان من العيوب يقدم ويحدث، ولا يدرى إن كان حادثا بعد العقد، أو قديما قبله، القول فيه قول البائع، فكان ينبغي أن يكون القول قول المرأة في أن العيب لم يكن بالعبد يوم الصلح، أو لم يعلم أنه كان به يومئذ، إن كان مما يخفى، إلا أن يكون للزوج بينة أنه كان به عندها، وليس ذلك بصحيح، بل المسألة صحيحة، لا فرق بين العيب والموت إذا وجد العيب بالعبد قبل القبض؛ لأن ذهاب البعض كذهاب الكل، وهو معنى المسألة،