[مسألة: حضرته الوفاة فقال قد أوصيت ووضعت وصيتي على يدي فلان]
مسألة وسئل مالك: عن رجل حضرته الوفاة فقيل له: أَوْص، فقال: قد أوصيت وكتبت وصيتي ووضعتها على يدي فلان فأنفِذواُ ما فيها فتوفي الرجل وأخرج الذي قال المتوفى قد وضعتها على يديه الوصيةَ وليس فيها شهود إلّا ما شهد على قوله من ذلك: أنه قال: قد وضعتها على يدي فلان فأنفذوا ما فيها.
قال مالك: أرى إن كان الرجلُ الذي ذكر أنها عنده عدلا أن ينفذ ما فيها.
قال ابن القاسم: وذلك رأي، قال العتيبي عن سحنون: الوصيةُ جائزةٌ عدلا كان أو غير عدل، قال يحيى: قلتُ لابن القاسم: لِمَ جوزها مالك ولم يُشْهَدْ عليها بعينها ولم يَشهد عليها إلّا الذي كانت عنده؟ قال: أراه بمنزلة الذي يوصي فيقول: قد أوصيت بوصايا أعملت بها فلتنفذ فما أخبركم أني أوصيت به فهي وصيتي فلينفذ ما فيها، فيكون ذلك ماضيا، وبمنزلة الرجل يوصي بديون لهم عليه، فيقول: قد كنت أدَايِنُ فلانا وفلانا فما أدعوه قِبَلِي فهم فيه مصدِّقون، فيكون ذلك لهم بلا يمين يستحلفون بها على ما ادعوا.
قال محمد بن رشد: اشتراطُ مالك العدالةَ في الذي قال الميت: إنه وضع وصيتَه عنده إذا أخرجها فقال هذه هي، وليس عليها شهود خلافُ ظاهر ما في المدونة والموازية في الذي قال: قد كتبت وصيتي وجعلت عند فلان فصدقوه وأنفذوا ما فيها أنه يصدق وينفذ ما فيها إن لم يشترط في ذلك عدالة مثلُ قول سحنون، وقولُه هو القياس إذ لا حجة للورثة عليه في الثلث، فله أن يجعل التصديق فيه إلى عدل وغير عدل، وقول مالك ها هنا في اشتراط العدالة استحسانٌ، وقد مضى في رسم العتق من سماع عيسى من كتاب الشهادات ما فيه بيان هذا فقف عليه.