[: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم]
ومن كتاب الأقضية الثالث وسئل مالك فقيل له: إن أمورا تكون عندنا علانية من حمل المسلم الخمر علانية، ومشيه مع المرأة الشابة في الطريق يحادثها، فإذا كلم فيها قال: هي مولاتي، أليس يجب أن يتقدم في مثل هذا، ويمنع منه؟ فقال: وددت أن يعض الناس يقوم في مثل هذا ويمنع منه، وإني لأحب ذلك وأراه. قيل له: أرأيت إن كان بعض من يريد القيام في مثل هذا لا يقوى عليه إلا بسلطان، فأتى سلطانا فأنهى ذلك إليه وأخبره بعظيمه، فقال له السلطان: ما أجد لهذا أحد أثق به فدونك، فقبل ذلك منه على أنه لا يجلس في موضع معروف، ولا ينظر في حد، ولا يوقع حدا، ولكن أمر ونهي؛ أتحب له أن يدخل في ذلك بأمر السلطان؟ فقال: إن قوي على ذلك، وأصاب العمل فما أحس ذلك فليفعل.
قال محمد بن رشد: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم بثلاثة شروط؛ أحدها: أن يكون عالما بالمعروف والمنكر؛ لأنه إن لم يكن عارفا بهما لم يصح له أمر ولا نهي؛ إذ لا يأمن أن ينهى عن المعروف ويأمر بالمنكر. والثاني: أن يأمن من أن يؤدي إنكاره المنكر إلى منكر أكبر منه، مثل أن ينهى عن شرب خمر فيئول نهيه عن ذلك إلى قتل نفس وما أشبه ذلك؛ لأنه إن لم يأمن ذلك لم يجز له أمر ولا نهي.
والثالث: أن يعلم أو يغلب على ظنه أن إنكاره المنكر مزيل له، وأن أمره بالمعروف مؤثر ونافع؛ لأنه إن لم يعلم ذلك، ولا غلب على ظنه لم يجب عليه أمر ولا نهي، فالشرطان الأول والثاني مشترطان في الجواز، والشرط الثالث مشترط في الوجوب، فإذا عدم الشرط الأول والثاني لم يجز