يرده فلا بأس أن يبيعه وينتفع بثمنه ويهبه إن شاء، فهو نص منه على أنه إذا حلف ألا ينتفع به ولم ينو ترك الانتفاع بثمنه فله أن يبيعه وينتفع بثمنه، وذلك خلاف قوله أولا؛ لأنه حمل الانتفاع على الانتفاع بعينه دون الانتفاع بثمنه لقوله به، فاتبع ظاهر اللفظ ولم يراع المعنى، وهو خلاف المشهور في المذهب، وبالله التوفيق.
[مسألة: أجير زرع حلف لا خان فدرى أندرا ثم عمد إلى التبن فأعاده]
مسألة وسئل مالك: عن مملوك بذي المروة وسيده بالعراق وله خلفاء بالمدينة، فكان بين العبد وبين رجل من أهل ذي المروة مشاتمة، فقال له الرجل الساكن بذي المروة: إنك لخائن، فحلف له المملوك بطلاق امرأته البتة، وكانت للمملوك امرأة حرة: إن كنت خنت تمرة واحدة، فشهد عليه أنهم رفعوا تمرا من مربد إلى مربد فبقي في أسفل المربد نوى، فقال له الحفاظ الذين معه: اشتر لنا به لحما نأكله، وكان قدر صاع، وشهد عليه أنه استخبأ يوما رطبا هو وصاحب له، فأخذ كل إنسان منهم بعضه فذهب به إلى منزله، فقال الغلام: إنما حلفت على الخيانة، فأما كل شيء وسع علي فيه فلم أرده ولم أحلف عليه، فقال وكلاء الرجل الذي بالعراق: هذه أشياء قد وسعنا للقدمة فيها يأكلون من الرطب والنوى.
قال مالك: أرى أن يحلف العبد بالله الذي لا إله إلا هو أنه ما حلف بطلاق امرأته إلا على تمر يبيعه فيختان ثمنه أو يسرقه، فأما ما أصبت مما وسع علي فيه فلم أحلف عليه، إذا حلف فلا شيء عليه.