بذلك صاحبها، فليس حكم الجعل حكم القراض، بل لكل واحد منهما حكم على حياله؛ لأن القراض لا يلزم المتقارضين بالعقد ويلزمهما جميعا بالعمل، والجعل لا يلزم المجعول له بحال.
واختلف في الجاعل، فقيل: إنه يلزمه بالعقد، وقيل: لا يلزمه إلا بشروع المجعول له في العمل، والجعل لا يكون إلا معلوما، بخلاف القراض الذي إنما يعمل فيه المقارض على أجر غير معلوم، وهو الجزء الذي يشترطه من الربح، وإنما يستويان في أن المقارض لا يجب له الربح إلا بعد تمام العمل بتنضيض المال كما أن الجعل لا يجب للمجعول له إلا بتمام العمل، فلا يصح قياس أحدهما على الآخر في جميع الوجوه، وبالله التوفيق.
مسألة وقال ابن القاسم: ولو أن رجلا قارض رجلا بمائة دينار فاشترى سلعة بمائة دينار فلم يكن معه المائة الدينار فاستسلف مائة دينار من صاحب المائة أو من رجل أجنبي على أن يقضيه المائة التي في البيت التي أخذ قراضا فباع تلك السلعة قبل أن يقضي صاحب المائة مائته بربح واشترى بعد ذلك بالمائة التي في البيت سلعة فباعها بنقصان وباع السلعة التي اشترى بالمائة السلف بربح هل يجبر نقصان هذه بربح هذه؟ قال: إذا كان اشتراؤه إياها على المائة القراض فالربح بينهما على ما تقارضا ونقصان المائة القراض يجبر بربح المائة السلف.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله، ولو اشترى السلعة الثانية بالمائة التي في البيت قبل بيع السلعة الأولى لكان نقصان الثانية منه إن بيعت بنقصان؛ لأنه متعد إذا اشترى بها، ومسلف المائة أحق بها، بخلاف ما لو اشترى السلعة الثانية بعد أن باع الأولى؛ لأن في يديه مائتين مائة القراض