فيه حق، قاله في المدونة وغيرها وهو صحيح؛ لأنهم قد مكنوا من الوصول إلى حق موروثهم فيما عمل لئلا يخسروه فتركوه؛ لأنهم نزلوا بمنزلته في ذلك ولم ينزلوا بمنزلته في إلزامهم العمل في ماله إلى أن ينض المال؛ لأن العمل إنما كان متعينا في عينه لا في ذمته، وفارق في ذلك حكم الأجير يستأجر على عمل الشيء فيموت قبل تمامه أنه ليس للورثة أن يكملوا العمل ويستحقوا الأجرة من أجل أنه يجب له حقه فيما مضى من عمله. وهذا كله ما لا خلاف فيه.
وقد ذهب اللخمي في التبصرة له إلى أنه إن كان في المال ربح يوم مات المقارض فترك الورثة العمل فيه لم يبطل حقهم فيما عمل موروثهم، على قولهم في الذي يجعل له الجعل على حفر البئر فيترك العمل باختياره قبل أن يتم حفرها إن الجاعل إن استأجر على تمام حفر البئر أو جاعل أحدا على ذلك كان للأول بقدر ما انتفع به من عمله على الاختلاف فيما يكون له من ذلك إن كانت قيمة عمله يوم عمله، أو يوم انتفع به صاحب البئر، أو قدر ما انحط عنه من الجعل عليها أو الاستئجار بسبب ما تقدم فيها من عمله.
قال: لأنه إذا لم يبطل حق المجعول له فيها بتركه العمل باختياره فأحرى ألا يبطل حق المقارض فيما عمل بموته؛ لأن من حيل بينه وبين التمام أعذر في ألا يبطل عمله، وليس ذلك بصحيح.
والفرق بين المسألتين بين وهو أن القراض يلزم المتقارضين بعمل العامل، فإذا اشترى بالمال لزمه البيع والتقاضي، وإذا لزمه ذلك كان من حق صاحب المال أن يقول له: إما أن تبيع وتقتضي، وإما أن تنسلخ من القراض وتترك حقك فيما عملت، والمجعول له على حفر البئر لا يلزمه بالشروع في حفرها تمامها إذ من حكم الجعل ألا يلزم المجعول له التمادي على العمل، وإذا لم يلزمه ذلك كان من حقه أن يترك تمام حفرها ويكون على حقه فيما حفر منها إن انتفع بذلك صاحبها، ولو مات المجعول له قبل تمام حفر البئر نزل ورثته بمنزلته وكان من حقهم أن يتموا حفرها ويستوجبوا الجعل أو يتركوا حفرها ويكونوا على حقهم فيما حفر موروثهم منها إن انتفع