[المعروف بالظلم يدعي الرجل أنه ظلمه في أرض غلبه عليها ولا يجد عدولا]
من سماع يحيى بن يحيى من ابن القاسم
من كتاب الكبش قال يحيى: وسألت ابن القاسم، عن الرجل المعروف بالظلم للناس والتعدي عليهم في أموالهم، من ذوي السلطان والولاة، يدعي الرجل أنه ظلمه في أرض غلبه عليها، أو غير ذلك من الأموال، ولا يجد على دعواه عدولا من البينات، وهو يجد شهودا لا يعرفون بعدالة، ولا يوصفون بسخطة حال، أيقبل مثل هؤلاء على من عرف بالظلم والتعدي، أو لا يقبل عليه، إلا مثل من يقبل على غيره من عدول الشهداء؟ فقال: لا تجوز شهادة غير العدول على أحد من الناس، كان المشهود عليه ظالما أو غير ظالم. قال الله تعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢] فلا ينبغي لغير العدول أن تجوز شهادتهم على أحد من الناس.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه أعلمه في المذهب، إن شهادة المجهول الحال لا تجوز شهادته حتى يعدل لقول الله عز وجل {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢] ولا يرضى إلا من عرفت عدالته، غير أن ابن حبيب أجاز شهادة المجهول الحال، على التوهم فيما يقع بين المسافرين في السفر للضرورة إلى ذلك، قياسا على إجازة شهادة الصبيان فيما بينهم في الجراح، ومراعاة للاختلاف، إذ من أهل العلم من يحمل الشاهد على العدالة حتى تعرف جرحته، على ظاهر قول عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: "المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حر ومجربا عليه شهادة زور" وهو قول الحسن ومذهب الليث بن سعد. وقد