قال محمد بن رشد: القصص مكروه، وروي عن يحيى بن يحيى أنه قال: خرج معنا فتى من طرابلس، فكنا لا ننزل منزلا إلا وعظنا فيه، حتى بلغنا المدينة، فكنا نعجب بذلك منه، فلما أتينا المدينة إذا هو قد أراد أن يفعل بهم ما كان يفعل بنا، فرأيته في سماط أصحاب السقط، وهو قائم يحدثهم، وقد لهوا عنه، والصبيان يحصبونه ويقولون له: اسكت يا جاهل، فوقفت معجبا لما رأيت، فدخلنا على مالك فكان أول شيء سألناه عنه بعد ما سلمنا عليه ما رأينا من الفتى، فقال مالك: أصاب الرجال إذ لهوا عنه، وأصاب الصبيان إذ ذكروا عليه باطله، قال يحيى: وسمعت مالكا يكره القصص فقيل له: يا أبا محمد، فإذ تكره مثل هذا فعلى ما كان يجتمع من مضى؟ فقال على الفقه. وكان يأمرهم وينهاهم. وبالله التوفيق.
[فضل الرباط والجهاد]
في الرغبة في الرباط والجهاد وقال: عوتب أبو أيوب صاحب النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في الغيبة عن أهله، فقال: إني أحب أن أبعث من هذه الجزيرة، وكان قد لحق بغزو الجزائر.
قال محمد بن رشد: أبو أيوب الأنصاري من أصحاب النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، اسمه خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة من بني النجار شهد العقبة وبدرا وأحدا والخندق وسائر المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وشهد مع علي حروبه، وكان يلازم الرباط والجهاد، ولا يتخلف عن الغزو في كل عام، فلما ولى معاوية يزيد على الجيش إلى القسطنطينية جعل أبو أيوب يقول: وما علينا إن أمر علينا شاب فغزا تحت رايته قسطنطينة، فمات بها. وقد مضى خبره في ذلك في أول رسم من السماع.