منهن خمسمائة، ومن أسلم منهن كان حرا، فهن أحرار يحرم منهن ما يحرم من الأحرار.
قال محمد بن رشد: حكم لأهل العنوة في هذه الرواية بحكم الأحرار، ووجه ذلك أنه جعل إقرارهم في الأرض لعمارتها من ناحية المن الذي قال الله تعالى فيه:{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}[محمد: ٤] والمن العتاقة، فعلى هذا تكون لهم أموالهم إذا أسلموا، وإلى هذا ذهب ابن حبيب في الواضحة، واحتج بظاهر قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من أسلم على شيء فهو له» خلاف رواية سحنون بعد هذا.
وتفرقة ابن المواز في ذلك بين ما كان بأيديهم يوم الفتح، وبين ما استفادوه بعد الفتح ليست جارية على قياس؛ لأن إقرارهم لعمارة الأرض إن كان عتقا لهم، فيجب أن يكون ما كان لهم من مال تبعا لهم بمنزلة ما استفادوه بعد ذلك، فلا ينزع منهم بإسلامهم، وإن لم يكن عتقا لهم، فلا يكونون بإسلامهم أحرارا ولا يكون لهم شيء من أموالهم، ووجه قول ابن المواز أنه جعل حكم ما كان لهم من المال يوم الفتح حكم الأرض في سقوط ملكهم عن ذلك كله، وذلك خلاف قول ابن القاسم في المسألة التي في رسم إن خرجت بعد هذا في الجارية التي بيعت في المغانم، ومعها دنانير أو دراهم إنها تكون للجيش إلا أن يستثنيه المبتاع على الحديث، فجعل العبد ملكا لما سبي معه من ماله حتى ينتزع منه، وقوله: لأن دية من قتل منهن خمسمائة يريد من حساب خمسمائة؛ لأن دية الرجال منهم خمسمائة والنساء على النصف من ذلك.
[اشترى جارية من الخمس فوجد معها مالا]
ومن كتاب أوله إن خرجت من هذه الدار فأنت طالق وسئل ابن القاسم عمن اشترى جارية من الخمس، فوجد معها مالا ما يصنع به؟ ولم يستثنه بمثل الاشتراء، قال ابن القاسم: إذا كانت دنانير أو دراهم أو أمرا لا يشبه أن يكون من هيئتها ولباسها