بستمائة درهم، للحاف، فسخطه، فلما ولى أمر ذلك الرجل، أن يشتري له كساء بسبعة دراهم، فلما جاء به أخذه فلبسه ثم تعجب لحسنه، فضحك الرجل، فقال له عمر: إني لأظنك أحمق، تضحك من غير شيء، قال: إنما ضحكت لمكان اللحاف الذي أمرتني أن أشتريه بستمائة درهم، قال: فصمت ساعة، ثم قال: أخشى ألا يشتري أحد ثوباً بستمائة درهم وهو يخاف الله.
قال محمد بن رشد: هذا من زُهد عمر بن عبد العزيز في الدنيا وخوفه لله نهاية في ذلك. وفضائله أكثر من أن تحصى، ومناقبه مشهورة لا تخفى، قد حصل الإجماع على الثناء عليه والشهادة بالخير له، حتى قال ابن القاسم في رواية الصلت عنه على ما وقع في سماع عبد الله بن الحسن من كتاب الأيمان بالطلاق: إن من حلف بطلاق امرأته أنه من أهل الجنة لا تطلق عليه امرأته. وقد مضى الكلام على ذلك هنالك. وبالله التوفيق.
[أول ظعينة قدمت المدينة]
في أول ظعينة قدمت المدينة
قال مالك: كان أَول ظعينة قدمت المدينة أُم سلمة، فخرجت وحدها من مكة مهاجرة، فرآها رجل من قريش فتبعها حتى إِذا نزلت حط رحلها ورحل لها، حتى إِذا أَرادت الرحيل تنحَّى عنها، فإِذا همَّت بالرحيل رحل لها، حتى رأى المدينة، فقال لها: هذا الموضع الذي تريدين ثم انصرف.
قال محمد بن رشد: أُم سلمة هذه هي بنت أَبي أُمية بن المغيرة المعروف بزاد الراكب، أحد أَجواد قريش المشهورين بالكرم زوج النبيّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، كانت قبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ تحِت أَبي سلمة بن عبد الأسود فولدت له أَولاداً منهم أبو سلمة الذي كُنيت به، وهاجرت معه إلى