بعد السنة لم ينوه في ذلك؛ لأنها نية مخالفة للمعنى الذي حلف عليه، ومن ادعى نية مخالفة لظاهر يمينه الحكم به عليه لم ينو إلا أن يأتي مستفتيا ونواه إذا ادعى أنه إنما نوى ألا ينفق عليها طائعا، يريد مع يمينه على ما قال في آخر سماع أشهب؛ لأنها نية محتملة، إذ قد قيل: إنه لا يحنث إذا قضى عليه السلطان وإن لم تكن نية، وهو قول ابن الماجشون في الواضحة، خلاف قول مالك هذا وقوله في سماع أشهب ودليل ما في التخيير والتمليك من المدونة، وقد مضى القول على هذا المعنى في رسم سلف من سماع ابن القاسم من كتاب النذور، وبالله التوفيق.
[مسألة: حلف بالطلاق ألا يشتري لحما ثم اشتراه]
مسألة وسئل مالك: عن رجل خرج يبتاع لأهله لحما فوجد على المجزرة زحاما فحلف بطلاق امرأته البتة إن اشترى لأهله ذلك اليوم لحما، فرجع إلى بيته فعاتبته امرأته في ذلك فخرج فاشترى كبشا فذبحه فأكلوا من لحمه.
فقال: ما أراه إلا قد حنث وأرى هذا لحما، قال ابن القاسم: إلا أن تكون إنما كانت كراهيته ذلك لموضع الزحام على المجزرة ووجد لحما أو كبشا في غير المجزرة فاشتراه فأرى أن ينوي في ذلك.
قال محمد بن رشد: لم يراع مالك البساط في هذه المسألة إذ رآه حانثا بشرائه الكبش من أجل أنه لحم، وذلك مثل قوله في رسم يسلف من سماع ابن القاسم من كتاب التخيير والتمليك ومثل ما في سماع سحنون