ابن الماجشون؛ لأنه فرق بين أن يعجز في أول قيامه قبل أن يجب على المطلوب عمل، وبين أن يعجز بعد أن وجب على المطلوب عمل ثم رجع على الطالب، وقد مضى هذا في رسم النكاح من سماع أصبغ من كتاب النكاح، وهذا الاختلاف كله إنما هو إذا عجزه القاضي بإقراره على نفسه بالعجز، وأما إذا عجزه السلطان بعد التلوم والإعذار وهو يدعي أن له حجة فلا يقبل منه ما أتى به بعد ذلك من حجة؛ لأن ذلك قد رد من قوله قبل نفوذ الحكم عليه، فلا يسمع منه بعد نفوذه عليه، وبالله التوفيق.
[مسألة: شهادة شاهدين من المسلوبين على الذين سلبوهم]
مسألة وسئل: عن الرجلين يعرض لهما اللصوص فيسلبونهما فيشهدان أن هؤلاء اللصوص سلبونا هذا المتاع وهذه الدواب لمتاع أو دواب قائمة في أيدي اللصوص بعينها، فقال: يقام عليهم بشهادتهما حد المحاربين ولا يستحقان ذلك المتاع والدواب إلا بشهيدين سواهما أو بشاهد يحلفان معه.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة اختلف في تأويلها، فقيل فيها: إنها مخالفة لما في المدونة إذ لم يقل فيها: إنه يحلف كل واحد منهما مع شهادة صاحبه ويستحق متاعه ودوابه على قياس قوله في كتاب السرقة منها إنه يقام على المحاربين الحد بشهادة الذين شهدوا عليهم أنهم قطعوا عليهم الطريق وأخذوا أموالهم ويعطوا المال بشهادة بعضهم لبعض ولا يقبل شهادة أحد منهم في مال نفسه أنه أخذ منه، وقيل: إنها ليست مخالفة لها والمعنى فيها أنهما شريكان في المتاع والدواب، فلذلك لم تجز شهادة واحد منهما لصاحبه، إذ لا يختص بشيء من المتاع والدواب دونه، وقيل: إنهما يستحقان الدواب والمتاع بشهادتهما، وإن كانا شريكين فيهما، وهو الذي يأتي على ما حكى ابن حبيب عن مطرف وروايته عن مالك في أن شهادة شاهدين من المسلوبين على الذين سلبوهم جائزة في الحد وفي المال لأنفسهما ولأصحابهما؛ لأن شهادتهما إذا جازت في الحد جازت في المال