لأنفسهما ولغيرهما، إذ لا يصح أن يجاز بعض الشهادة ويرد بعضها، وقد قيل: إن شهادتهما لا تجوز في الحد ولا في المال لغيرهما إذا لم تجز لأنفسهما؛ لأن من اتهم في بعض شهادته بطلت [شهادته] كلها، وهو قول أصبغ، فيتحصل في شهادة المسلوبين على السالبين بالسلب والمال أربعة أقوال؛ أحدها: أن شهادتهم عليهم جائزة بالسلب والمال لأنفسهم ولمن سواهم فيقام الحد على السالبين بشهادتهم ويقضى بما شهدوا به من المال لهم ولمن سواهم، وهو قول مطرف وروايته عن مالك.
والثاني: أن شهادتهم لا تجوز لا في الحد ولا في المال لا لأنفسهم ولا لمن سواهم، وهو قول أصبغ.
والثالث: أن شهادتهم تجوز في الحد وفي المال لغيرهم ولا تجوز لأنفسهم، فإن كان الشهود أربعة قضي للاثنين منهم بشهادة الاثنين وللاثنين بشهادة الاثنين، وإن كانوا اثنين قضي لكل واحد منهما بشهادة صاحبه مع يمينه، وهو قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة.
والرابع: أنه لا يجوز في ذلك أقل من أربعة شهداء، وإنما تجوز شهادتهم في الحد وفي أموال الرفقة ولا تجوز في أموال الشهداء، وهذا كله إنما هو إذا شهدوا فقالوا: سلبونا فأخذوا منا هذا المال وهذا المتاع والجارية لفلان والدابة لفلان والثوب لفلان وكذا لفلان وكذا لفلان وكان الذي شهد به الشهود من ذلك لأنفسهم كثيرا، وأما إن كان الذي شهدوا به لأنفسهم من ذلك يسيرا لا يتهمون عليه فشهادتهم جائزة في الجميع لهم ولغيرهم، ولا يدخل في هذا الاختلاف الذي في الوصية لموضع الضرورة في ذلك ولموضع الضرورة فيه وقع الاختلاف المذكور إذا كان الذي يشهد به الشاهد لنفسه كثيرا، فمن لم يراع الضرورة وأعمل التهمة أبطل الشهادة في الجميع، ومن راعى الضرورة وأسقط التهمة أعمل الشهادة في الجميع، وعلى هذا يأتي ما في المدونة؛ لأنه لم يبطل شهادة الشاهد لنفسه من جهة التهمة، وإنما أبطلها من أجل أنه لا تجوز في السنة شهادة أحد لنفسه، والشهادة إذا بطل بعضها للسنة لم يبطل جميعها على المشهور في