قال محمد بن رشد: قوله فمن غاب من هؤلاء انتُظر أبدا حتى يقدم، ظاهره وإن كان بعيد الغيبة، وهو ظاهر ما في المدونة أيضا بخلاف الصغير، وقد قيل: إنه ينتظر الصغير كالغائب، وقال سحنون إن قرب بلوغ الصغير أو مغيب الغائب انتظر، وإن بعد الغائب ولم يقرب بلوغ الصغير لم ينتظر واحد منهما، فحمل المسألتين بعضهما على بعض، والقياس أن ينتظر الصغير وإن بعد بلوغه والغائب وإن بعدت غيبته.
وقوله: وردت الأيمان على المدعى عليه ظاهره أنه هو يحلف وحده إذا ردت عليه الأيمان، ومثله في المدونة، وهو نص قول مطرف، وقد مضى الاختلاف في هذا وتوجيهه في أول رسم من سماع عيسى، فلا معنى لإعادته وسائر ما ذكره في المسألة بيّن لا إشكال فيه ولا وجه للقول.
[مسألة: يقول دمي عند أبي خطأ أوعمدا]
مسألة وسألته عن الرجل يقول دمي عند أبي خطأ أو عمدا، قال: أما الخطأ فإن الورثة تستوجب عقله على عاقلة الأب بقسامتهم والقسامة تجب لهم على الأب بقول ابنه: دمي عند أبي خطأ، وأما قوله دمي عند أبي عمدا فإنه إن لم يفسر العمد وأبهمه رأيت أن يقسموا على قوله فإن استحقوا دمه درأ عنه القتل لإبهام ابنه العمد الذي رماه به وأغلظت عليه الدية كما صنع عمر بالمدلجي، وكانت في خاصة ماله.
قال: وإن قال أضجعني وذبحني ذبحا وأخذني فبقر بطني وما أشبه هذا مما لو صنع مثله فأثبتته عليه بينة أقيد منه (و) يقتل به، فإن القسامة تقسم على الأب بقول ابنه ويستحقون الدم، فإن شاءوا قتلوا وإن شاءوا عفوا.
قال محمد بن رشد: هذا كله بين على المشهور من قول مالك في