قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة من كراهية أن يطلع أحد منبر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بخفين أو نعلي الإمام أو غير الإمام، وأن يدخل البيت بنعلين أو خفين إكراما لهما، وترفيعا وتعظيما؛ إذ من الحق أن ينزها عن أن يوطئا بالخفاف والنعال المتخذة لصيانة القدمين عن المشي بهما في الطريق والمحاج، وإن كانت طاهرة، ولم ير ابن القاسم بأسا في المدونة أن يدخل بهما في الحجر، وكره ذلك أشهب في المجموعة؛ لأن الحجر من البيت، قال: وكراهيتي لذلك في البيت أشد.
مسألة وسئل مالك عن شرب الفلونيا والترياق للمحرم وفيهما الزعفران، قال: لا بأس به، قال: والذي فيه من الزعفران ليس له قدر، وما أرى به بأسا.
قال محمد بن رشد: أجاز ذلك؛ لأن الذي فيهما من الزعفران يسير لا قدر له ولا يظهر فيهما، فلم ير له حكما لما كان مستهلكا فيهما، كما أن لبن المرأة عنده إذا خلط بالطعام وعصد به حتى صار هو الغالب عليه لم تقع به حرمة، فليس ذلك بخلاف لما في المدونة وغيرها من أن الحرم لا يأكل فيه الطعام الذي فيه الزعفران، إلا أن يكون قد مسته النار، قال ابن حبيب: فتعلك بالطعام حتى لا يصبغ اليد ولا الشفة، زاد في هذه الرواية في هذا الرسم من الجامع، قال مالك حين ذكر شرب الترياق للمحرم، أشد من هذا عندي ما يصيب الناس في إحرامهم من طيب البيت فكرهه، كأنه يرى أن له