المشهود عليه ببينة تشهد له أن الشاهد كان يخطب هذه المرأة قبل أن يتزوجها، هو أن شهادته تبطل، ولأصبغ في ثمانية أبي زيد أن الشاهد إذا خاصم المشهود عليه بعد الشهادة لم تبطل شهادته، إلا أن يقر أن الذي يطالبه به من ذلك كان قبل إيقاع الشهادة، وأما الجرحة بالأحداث يظهر منه مثل أن يقتل، أو يجرح، أو يزني، أو يسرق، أو يشرب خمرا، أو يقذف حرا، وما أشبه ذلك؛ ففيه اختلاف، قيل: إن ذلك كله يبطل الشهادة، وهو قول مطرف وأصبغ، وروايته عن ابن القاسم، وقيل: إنه ما كان من ذلك يستسر به كالزنا والسرقة والشرب وما أشبه ذلك؛ بطلت به الشهادة؛ إذ لا يؤمن أن يكون قديما قبلها، وما كان منه لا يستسر به، ويعلم أنه كان خلوا منه يوم شهد كالقتل والجراح والقذف وما أشبه ذلك، لم تبطل به الشهادة كما لا تبطل بالخصومة والتزويج، وهو قول ابن الماجشون، وظاهر قول أصبغ هذا أن مجرد الخصومة في القليل والكثير توجب العداوة بين المتخاصمين، وتسقط شهادة أحدهما على صاحبه، وهو ظاهر ما في أول سماع أشهب أيضا، وفي ذلك اختلاف قد مضى تحصيله هناك، وبالله التوفيق.
[مسألة: شهد أن هذه الدار لأبيه مات وأوصى بها لفلان]
مسألة وسئل عن رجل شهد أن هذه الدار لأبيه، مات وأوصى بها لفلان، والدار في يد رجل ينكر ذلك، أترى أن تجوز شهادته، والدار تخرج من الثلث؟ قال أصبغ: لا، أرى أن تجوز شهادته مخافة أن يطرأ على أبيه دين، فيرجع في الدار، فيكون قد انتفع بذلك، ولقد كان وقع في قلبي منها شيء ثم تبين لي بعد ذلك أنه لا تجوز شهادته في هذا.
قال الإمام القاضي: هذا بين على ما قاله؛ لأن الموصى له إنما يأخذ وصيته على ملك الميت الموصي إن قبلها، وإن لم يقبل كانت لجميع الورثة، فهو بشهادته جار إلى نفسه، وبالله التوفيق.