وليس هو وارثه، ثم يكون وارثه بعد ذلك، فلا تجوز تلك الوصية. . . على هذا فرق بين ذلك أن الشاهد إنما كانت ترد شهادته بالظنة، والظنة هاهنا إنما حدثت بعد الشهادة، ألا ترى لو أن رجلا شهد على رجل بشهادة، ولم يقض بها حتى كانت بينه وبين المشهود عليه خصومة ودعوى لم يبطل ذلك شهادته، وجازت عليه إذا كان قد شهد بها قبل الخصومة والظنة والتهمة، وإن كانت لم تنفذ فهي الآن تنفذ، ولا ترد لما ذكرت إن شاء الله.
قال محمد بن رشد: شهادة الشاهد تسقط بوجهين؛ أحدهما: التهمة في الشهادة بالعداوة وبالظنة؛ لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين، ولا جار إلى نفسه» . والثاني: الجرحة في الدين؛ لقول الله عز وجل:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢] .
فإذا شهد الرجل بشهادة وهو مجرح في دينه، أو متهم في شهادته؛ لم تجز شهادته، وأما إن شهد بشهادة وهو عدل غير متهم في ظاهر أمره، فقبلت شهادته، ثم حدث بعد قبولها، وقبل الحكم بها ما لو علم قبل قبولها لم يقبل، ففي ذلك تفصيل، أما التهمة بالعداوة تحدث، والظنة تقع، فلا يؤثر ذلك في إجازة الشهادة إلا أن يعلم لذلك سبب قبل أدائها مثل أن يشهد الرجل للمرأة، ثم يتزوجها، فيشهد عليه أنه كان يخطبها قبل أن يشهد لها وما أشبه ذلك، فإن شهادته تبطل بدليل قول ابن القاسم في سماع حسين بن عاصم في الرجل يشهد على الرجل أنه حلف بطلاق امرأته البتة إن تزوجها قبل أن يتزوجها، فأتى