مسألة وعن الرجل يتزوج المرأة ثم يجدها لغية إنها إن كانت حين خطبها انتسبت له، فقالت: أنا فلانة ابنة فلان، فإني أرى النكاح مفسوخا، فإن كان دخل بها فلها صداقها بما استحل منها قبل، فإن كان ذلك إنما هو في أبيها وجَدّ أبيها لغية، هل يفسخ النكاح عنه؟ قال: لا أرى أن يفسخ بذلك، وليس هو في أبيها بمنزلته فيها، والرجل أيضا إذا انتسب للمرأة وغرها بتلك المنزلة.
قال محمد بن رشد: قوله: فإني أرى النكاح مفسوخا، معناه إن له أن يفسخه عن نفسه، فلا يلزمه شيء من الصداق إن كان قبل الدخول، ويكون الفسخ فيه تطليقة؛ لأنه نكاح فاسد، فيكون مفسوخا بالحكم. وقوله: إذا كان دخل بها فلها صداقها ما استحل منها، خلاف المعلوم من قولهم: إن له أن يرجع عليها؛ لأنها غرته إذا انتسبت له، ويترك لها من صداقها قدر ما يستحل به الفرج، وإنما يكون لها صداقها بما استحل منها، إذا كان وليها الذي أنكحها هو الذي نسبها له، وغره منها، فيكون هو الذي يجب الرجوع عليه، والأصل في هذا قول عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام فمسها فلها صداقها كاملا، وذلك لزوجها غرم على وليها. قال مالك: وإنما يكون ذلك غرم على وليها إذا كان وليها الذي أنكحها أبوها أو أخوها أو من يرى أنه يعلم ذلك منها، فأما إن كان وليها الذي أنكحها ابن عم، أو مولى، أو من العشيرة ممن يرى أنه لا يعلم ذلك منها فليس عليه غرم، وترد المرأة ما أخذت من صداقها، ويُترك لها قدر ما تستحل به. وقوله: والرجل أيضا إذا انتسب للمرأة وغرها بتلك المنزلة، يريد: أنها إذا تزوجته على نسب فوجدته لغية، فلها الخيار وإن كانت مولاة، وإن كانت هي لغية، فتزوجته على نسب، فوجدته لغية، فعلى ما تقدم من الاختلاف في المسألة التي قبل هذه.