نار، فقام معاذ بن جبل فقال: لقد كنت نبيا ولأنت أضل من حمار أهلك، سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«هو رحمة لهذه الأمة» . اللهم فاذكر معاذ وآل معاذ فيمن تذكر بهذه الرحمة. وروى الشعبي عن فروة بن نوفل الأشجعي ومسروق، ولفظ الحديث لفروة الأشجعي قال: كنت جالسا مع ابن مسعود فقال: إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين، فقلت يا أبا عبد الرحمن: إنما قال الله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[النحل: ١٢٠] فأعاد قوله إن معاذا. فلما رأيته أعاد عرفت أنه تعمد الأمر فسكت، فقال: أتدري ما الأمة وما القانت؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: الأمة الذي يعلم الخير ويؤتم به ويقتدى به، والقانت المطيع لله، وكذلك كان معاذ بن جبل معلما للخير مطيعا لله عز وجل ولرسوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ويكنى معاذ أبا عبد الرحمن بابن كان له، وقيل إنه لم يولد له قط، وبالله التوفيق.
[الشفعة على قدر الحصص]
في أن الشفعة على قدر الحصص قال مالك حدثني ابن الدراوردي عن سفيان الثوري أن علي بن أبي طالب قضى أن الشفعة بين الشركاء على قدر حصصهم.
قال محمد بن رشد: هذا هو مذهب مالك وجميع أصحابه وعامة العلماء أن الشفعة على قدر الأنصباء، خلاف ما ذهب إليه أبو حنيفة أنها على عدد الرءوس. والحجة لمالك ومن قال بقوله أن الشفعة لما كانت تجب بالملك وجب أن يكون على قدر الأملاك كالعلل، ولما كانت لرفع المضرة عن الإشراك وكانت المضرة عليهم على قدر حصصهم وجب أن تكون الشفعة