للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يشكره على الغنى، وذكر أن عمر بن الخطاب لما قدم الشام صنع له طعام لم ير مثله، فقال: هذا لنا، فما لفقراء المسلمين الذين باتوا وهم لا يشبعون من خبز الشعير؟ فقال خالد بن الوليد: لهم الجنة، فاغرورقت عينا عمر بن الخطاب، فقال كلاما معناه: لئن كان حظنا من الدنيا الاستمتاع بحطامها، وذهبوا بالجنة لقد باينونا بونا بعيدا.

وسيرته - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في أنه كان لا يأتيه مال إلا أظهره ولا رسول إلا أنزله - هي سيرة أهل العدل، وقد أوصى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال في وصيته: وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، وبالله التوفيق.

[الخصام لذي الهيئة وإتيان أبواب الأمراء]

في كراهية الخصام لذي الهيئة وإتيان أبواب الأمراء قال مالك: بلغني أن عمر بن عبد العزيز عاتب رجلا له قدر في الحال، في خصومة خاصم فيها، فقال: إن لك قدرا وحالا، فلا أحب لك أن تخاصم، فإن ذلك مما يعيبك، قال مالك: يحضر فيحجب ويتنزه وينتهره الحرس ويجبر، وهذه مذلة لذوي الهيئة، وقال مالك: بلغني أن أبا الدرداء قيل له: تأتى باب معاوية فيحبسك ويصفحك؟ قال: اللهم غفرا، من يأت أبواب الأمراء يقول ويقعد.

قال محمد بن رشد: معنى يصفحك يمنعك ويحرمك، يقال صفحت الرجل إذا أعطيته، وأصفحته إذا منعته وحرمته، وفي الحديث: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في سائل منعه بعض أهله: «لعلكم أصفحتموه» ، والمعنى فيما قاله عمر بن عبد العزيز وأبو الدرداء بَيِّنٌ لا يفتقر إلى كلام، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>