واختلف في حد المفصل، فقيل: إنه من الحجرات، وقيل: إنه من سورة ق، وقيل: إنه من سورة الرحمن، روي ذلك عن ابن مسعود، والصحيح قول من قال: إنه من سورة ق لأن الحجرات مدنية، والمفصل بمكة، روي عن ابن مسعود أنه قال: أنزل الله عز وجل على رسوله المفصل بمكة فكنا حججا نقرأه لا ينزل غيره، ومن الدليل على ذلك ما روي عن أوس بن حذيفة قال: سألت أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلت: كيف كنتم تحزبون القرآن؟ قال: كنا نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة سورة، وفي بعض الآثار، كيف كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحزب القرآن؟ فذكر نحوه؛ لأن القرآن يأتي على هذا سبعة أحزاب بعدد الأيام، المفصل منها حزب من أول سورة ق؛ ولأن الستة أحزاب تتم إذا عدت السور بسورة الحجرات، ويحتمل أن تكون سورة الرحمن في مصحف ابن مسعود بعد سورة الحجرات، وبالله التوفيق.
[التأني والعجلة]
في التأني والعجلة قال مالك: بلغني أنه كان يقال: التأني من الله والعجلة من الشيطان، وما عجل امرؤ فأصاب، وتأيد آخر فأصاب إلا كان الذي تأيد أصوب رأيا، ولا عجل فأخطأ وتأيد آخر فأخطأ إلا كان الذي تأيد أيسر شأنا.
قال محمد بن رشد: قوله: بلغني أنه كان يقال التأني من الله والعجلة من الشيطان، معناه بلغني أنه كان يقال في الحديث عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لأن مثله لا يكون رأيا والله أعلم، وما فسره به من قوله: وما عجل امرؤ فأصاب إلى آخر قوله بين صحيح؛ لأن الحظ فيما ينوب من أمور الدنيا ألا يعجل فيها ولا يقدم عليها إلا بعد تقديم استخارة الله عز وجل فيها.