العلماء المجتهدين، فله على هذا القول أن يسألهم ويأخذ بقول أيهم شاء، وإذا ألزم نفسه قول أحدهم فليس له أن ينتقل عنه إلى قول غيره إلا أن يكون أشد من القول الذي التزم، وقيل ليس له: أن يقلد إلا أعلمهم وأفضلهم، فإن استووا في الفضل قلد أعلمهم، فإن استووا في العلم قلد أفضلهم، وإن استووا في الوجهين قلد أيهم شاء، وبالله التوفيق.
[رد زياد على الناس ما فضل عنده مما أعانوه به في فكاك رقبته]
في رد زياد على الناس ما فضل عنده
مما أعانوه به في فكاك رقبته قال مالك: كان زياد قد أعانه الناس في فكاك رقبته وأسرع الناس في ذلك، وفضل مما قوطع عليه مال كثير فرده إلى من أعطاه بالحصص وكتبهم زياد عند نفسه فلم يزل يدعو لهم حتى مات.
قال محمد بن رشد: ما فعله زياد من رده على الذين أعانوه في فكاك رقبته ما فضل عنده من ذلك بعد أداء ما قوطع عليه بالحصص صحيح من فعله؛ لأنهم أعانوه بما أعانوه به ليفك رقبته به من الرق، فليس له مما أعانوه به إلا ذلك، ولو لم يكن فيما أعانوه به وفاء بما عليه من الكتابة كان جميع ذلك مردودا على الذين أعانوه إلا أن يجعلوه من ذلك في حل، ولو أعانوه بما أعانوه به ليستعين به في أداء كتابته ليس على وجه أن يفكوه بها من الرق ولكن على وجه الصدقة عليه لكان له من ذلك ما فضل عن أداء كتابته أو قطاعته، ولكان لسيده جميع ذلك إن عجز عن أداء كتابته، قاله في المدونة، وهذا على القول بأن المكاتب يكون بالعجز منتزع المال. وعلى القول بأنه لا يكون بالعجز منتزع المال يكون جميع ما أعين به في كتابته له إن عجز عن الكتابة إلا أن ينتزعه منه السيد، وبالله التوفيق.