السبيل ما أوجب لابن السبيل، ولا لابن السبيل ما أوجب في السبيل، وبيان هذا في رسم الوصايا من سماع أشهب من كتاب الوصايا. وكره مالك في هذه الرواية للذين لا يقدرون على الحج والغزو إلا بما يسألون أن يخرجوا ويسألوا لأن الله تعالى قد رفع عنهم الحرج في ذلك بقوله:{وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ}[التوبة: ٩١] الآية والسؤال مذموم فلا تجوز استباحته إلا عند الحاجة، والإلحاف فيه مع الحاجة إليه مكروه، قال عز وجل:{لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}[البقرة: ٢٧٣] وقد روى ابن عبد الحكم عن مالك أنه لا بأس أن يحج الرجل الذي لا شيء له ويتكفف الناس ذاهبا وراجعا، ومعناه في الذي حرفته السؤال والتكفف أقام أو خرج، وأما من لم يكن ذلك شأنه إذا أقام ببلده فيكره له أن يحج أو يغزو ويتكفف الناس في طريقه ذاهبا وراجعا، وبالله التوفيق.
[باع جارية وزعم أنه وكيل فإذا هو ليس بوكيل]
ومن كتاب أوله:
باع غلاما بعشرين دينارا وسئل عن رجل باع جارية وزعم أنه وكيل، فإذا هو ليس بوكيل؟ قال: يردها ولا ينتظر رأي صاحبها فيها، وليس للذي باع أن يقول أنا أنتظر رأي صاحبي، فإن رضي فالبيع لك لازم، قال: ليس ذلك له، وهو يردها على الذي باعها، ولو باعها شركاء فيها فهم مثل هذا الذي ادعى وكالة كان ذلك البيع مردودا ولزمه بيع الشركاء ولا ينفعه ما غره ذلك الذي ادعى وكالة، وبيع شركاء البائع لازم للمشتري.