بالشرع هل يدخل في الآمر أو لا يدخل فيه؟ لأنه يأتي على مذهب من يرى أنه يدخل فيه الآمر لأنه من جنس المأمورين المشروع لهم الشرع أن يأخذ منه القاسم؛ لأنه من جنس المقسوم عليهم، وكان صاحب المال أعلم قاسمه الذي دفعه إليه أنه قد أوجبه لذلك الصنف فدخل مدخلهم فيه، وإلى هذا القول ذهب مالك إلا أنه اتقى القول الآخر وراعاه فاستحب له أن لا يأخذ منه لنفسه شيئا إذا وجد من يسلفه، وإن أخذ أن يعلم بذلك إذا رجع، ومثل هذا من الاستحباب في رسم الوضوء والجهاد من سماع أشهب من كتاب الجهاد. وإن قال له: إن احتجت إلى شيء منه فخذه جاز له أن يأخذ منه باتفاق مثل ما يعطي غيره بالمعروف دون أن يحابي نفسه، ولا يجوز له أن يأخذ منه لنفسه أكثر مما يعطي منه غيره إلا أن يعلم صاحب المال يرضى بذلك، هذا معنى قوله في الرسم المذكور من السماع المذكور من كتاب الجهاد. وأجاز أن يعطي من هذا المال لمن انقطع به في سفره وإن كان غنيا في بلده لأنه من بني السبيل الذين أباح الله لهم الزكوات بقوله:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ}[التوبة: ٦٠] الآية إلى قوله: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ}[التوبة: ٦٠] فلهذا أجاز أن يعطي المنقطع به في سفره من الصدقة وإن كان غنيا في بلاده وهذا ما لا اختلاف فيه، وإنما اختلف في الغازي أن يعطى من الصدقة ما يتقوى به على الغزو وإن كان غنيا، فقيل: ذلك جائز، وهو ظاهر ما في كتاب الزكاة من المدونة، وهو قول محمد بن مسلمة إن الغازي يأخذ من الصدقة ما يتقوى به على الجهاد وإن كان غنيا وهو مذهب أصبغ، وحكى ابن مزين عن عيسى بن دينار أن الغازي لا يعطى من الزكاة إلا إذا احتاج في غزوه ولم يحضره وفره ولا شيء من ماله، والأول أصح لأنه إذا كان بهذه الصفة فهو من ابن السبيل، والله تعالى قد أباح الصدقة في السبيل وفي أبناء السبيل، فهما وجهان متباينان لا يجوز أن يجعل في