أحدهما نصيبه من رجل آخر، فلما حل الحق أعسر الرجل بالثمن، فقال صاحب الحق: بعني نصيبك، قال له الذي عليه الحق: ما ينفعك، إن بعتك، أخذه شريكي بالشفعة، فأنا أتكارى منك نصيبك سنين، وأقاصك بما أسلفتك حين أستوفي حقي. قال: لا خير في هذا.
قال الإمام القاضي: إنما لم يجز هذا؛ لأنه أخذ من دينه شيئا لا يتعجل قبضه، فدخله الدين بالدين، وقد قيل إن ذلك جائز؛ لأنه لم يتحول من دينه إلا إلى أرض بعينها، يستوفي حقه من كرائها، فكان قبض ما يستوفي منه الكراء، كقبض الكراء. وهذا القول قائم من كتاب الزكاة الأول من المدونة في قوله: إن الذمي إذا أكرى إبله بالمدينة، راجعا إلى الشام، إنه يؤخذ منه العشر بالمدينة، وإن لم يستوف المكري بعدما اكترى لأنه جعله يقبض ما يستوفي منه ما اكترى في حكم القابض لما اكترى، وهذا بين. ولو اكترى المرتهن النصيب الذي ارتهن من غيره فأحاله الراهن عليه بحقه لجاز ذلك. وبالله التوفيق.
[مسألة: ادعى حقا فقضي له به فسأله المقضي عليه أن يجعله له رهنا]
مسألة قال سحنون عن أشهب في رجل ادعى قبل رجل حقا فقضي له به عليه، فسأل المقضي عليه المقضي له أن يؤخره ويجعل في يديه رهنا حيوانا ففعل، فمات الحيوان عند المرتهن، فأقر المقضي له، إن دعواه وما قضي له به كان باطلا. قال أشهب: هو ضامن للرهن؛ لأنه أخذ منه رهنا في غير حق، فكأنه غصبه إياه.
قال محمد بن رشد: قول أشهب في هذه المسألة: إن المرتهن ضامن للحيوان الذي ارتهن صحيح؛ لأنه قد أقر على نفسه بالعدو على الراهن فيها في ارتهانه إياها منه دون حق وجب له عليه، ولو قامت للراهن بينة على