ليبتاع بها طعاما لمن استأجره فرجع فزعم أن تلك الدنانير ضاعت منه، أتراه ضامنا؟ قال: لا ضمان عليه فيها، وإنما هو إلى أمانته، وأرى أن يحلف في ذلك لقد ضاعت منه، قيل له: أفترى له فيما عني أجرة؟ قال: لا أرى له شيئا، قد ضاعت الدنانير، ويريد أن يأخذ أجرا، ما أرى له في ذلك شيئا.
قال محمد بن رشد: إنما لم ير له أجرة فيما شخص إذا ضاعت الدنانير من أجل أنه استوجر على حملها إلى ذلك البلد وشراء الطعام بها، وجاء تلفها من قبله، وذلك على أصله في المدونة في الذي يستأجر الحمال على حمل شيء فيعثر به فيذهب أنه لا ضمان عليه ولا كراء له، خلاف قول غيره فيها، فليس قول مالك هذا بمعارض لقول سحنون في نوازله من كتاب الجعل والإجارة في الذي يعطي رجلا ثوبا ليبيعه له بجعل، فلما قبض الدنانير ضاعت منه أن له جعله لأن هذا في مسألة سحنون جعل على بيع فوجب للمجعول له جعله بالبيع، وبالله التوفيق.
[مسألة: تضمين الأكرياء]
مسألة قيل له: لِمَ ضَمِنَ الأكرياءُ الطعامَ الذي يحملونه؟ قال: إنهم مثل الصناع الصباغ والخياط، فلذلك ضمنوا إلا أن يأتوا