القصاع على هذا القياس إنه إذا أتي إليه بالعجين فيها ليقرصه فيها إنه ضامن لها كيفما ضاعت بالعجين أو بغير العجين إذ لا يستغني في عمله عنها، وهو قول مالك في سماع محمد بن خالد في المثال، وسحنون يقول: إنه لا يضمن الصانع المثال ولا الوراق الأم التي يكتب منها إذ لا عمل له فيها، وكذلك لا يضمن على مذهبه الطحان الأعدال، ولا الفران القصاع، وإن كان يخبز الخبز فيها إذ لا عمل له فيها، وإنما عمله وصنعته في الخبز الذي يقرضه فيها، فيتحصل في جملة المسألة ثلاثة أقوال؛ أحدها: أنه لا يضمن إلا ما له فيه عمل، وإن كان يحتاج إليه في عمله، أو يحتاج إليه الشيء المعمول، وهو قول سحنون.
والثاني: أنه يضمن ما لم يكن فيه له عمل إذا كان يحتاج إليه في عمله أو يحتاج إليه الشيء المعمول، وهو قول ابن حبيب.
والثالث: أنه لا يضمن ما لم يكن فيه عمل، وإن احتاج الشيء المعمول إلا أن يحتاج إليه في عمله، وهو قول محمد بن المواز، ومذهب مالك على ما وقع له في سماع محمد بن خالد، ولا اختلاف بينهم في أنه يجب عليه ضمان ما له فيه عمل، ولا في أنه لا يضمن ما لا عمل له فيه، ولا يختلفون في صفة تقويم الذي يجب عليه ضمانه منها، فمنهم من كان يرى أن يقوم عليه وحده على أنه لا صاحب له، فيغرم قيمته، ومنهم من كان يرى أن يقوما جميعا، ثم يقوم الثاني وحده فيغرم ما بين القيمتين؛ لأنه قد فسد عليه الباقي بخلاف التالف إذ لا ينتفع بأحدهما دون الآخر، وهو أصح القولين كما لو استهلك له رجل أحدهما لضمن ما نقصه منها، وبالله التوفيق.
[أخطأ الغسال فدفع إلى رجل ثوبا غير ثوبه فلبسه وهو لا يعلم]
ومن سماع عيسى بن دينار من ابن القاسم قال ابن القاسم: إذا أخطأ الغسال، فدفع إلى رجل ثوبا غير ثوبه فلبسه وهو لا يعلم أن الثوب الذي أعطاه الغسال غير ثوبه نظر، فإن كانت قيمته دينارين وقيمة ثوب الرجل الذي عند الغسال دينار نظر في لبس ثوبه الذي عند الغسال كم كان ينقص في مثل