للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن رشد: المعنى في هذا بين، لأن صاحب مائة ألف درهم إذا لم يتصدق منها إلا بما وجب عليه فيه من الزكاة فقد سبقه في الأجر صاحب الدرهم إذا تصدق بدرهمه كله. ولو تصدق صاحب الألف درهم بدرهم سوى الزكاة لكان صاحب الدرهم قد سبقه لتصدقه بدرهمه الذي لا مال له سواه، بدليل ثناء الله عز وجل على من جاد بما عنده من اليسير فقال عز وجل: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: ٩] . ولو لم يتصدق صاحب الدرهم بشيء من درهمه لكان صاحب المائة الألف الدرهم قد سبقه في الأجر بتأدية زكاة ماله. وهذا يدل على فضل الغنى على الفقر، وقد مضى القول في هذا في رسم نذر سنة، وبالله التوفيق.

[تقديم الخطبة في العيد قبل الصلاة]

في تقديم مروان الخطبة في العيد قبل الصلاة قال مالك: خرج مروان يوم العيد إلى المصلى ومعه أبو سعيد الخدري فلما أتيا المصلى مضى مروان ليصعد المنبر، قال: فأمسك أبو سعيد بثوبه وقال الصلاة، فاجتبذ مروان منه جبذة شديدة حتى نزع ثوبه من يده فقال: قد ترك ما هنالك يا أبا سعيد، فقال أبو سعيد: أما ورب المشارق لا تأتون بخير منها.

قال القاضي: أول من قدم الخطبة على الصلاة في العيد معاوية، وقيل عثمان أول من فعل ذلك، كان لا يدرك عامتهم الصلاة، فبدأ بالخطبة حتى يجتمع الناس. وروى ابن نافع عن مالك ما يدل على ذلك قال: السنة أن تقدم الصلاة قبل الخطبة، وبذلك عمل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو

<<  <  ج: ص:  >  >>