الذي يقتل نفسه، إنه يغسل ويصلى عليه، وإثمه على نفسه؛ وليس أحد في الظلم أظلم ممن قتل نفسه، وكل القتلى عند مالك يغسلون ويصلى عليهم، إلا الشهيد في سبيل الله، الذي يموت في المعركة، فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه، ويدفن بثيابه ولا تجرد له؛ قال مالك: وما علمت أنه ينزع منه شيء.
قال محمد بن رشد: هذه المسائل كلها صحاح بينة في المعنى والحجة، فلا إشكال فيها، ولا اختلاف في المذهب في شيء منها؛ إلا أنه قد اختلف التأويل على مالك في قوله في أهل الأهواء والبدع، إنهم لا ينكحون ولا ينكح إليهم ولا يسلم عليهم، ولا يصلى خلفهم، ولا يشهد جنائزهم، فقيل: إن ذلك على وجه التأديب لهم، والكراهة لمخالطتهم، وقيل: إن ذلك لأنهم عنده كفار، بدليل قوله في سماع ابن القاسم من كتاب المحاربين والمرتدين على ما آية أشد على أهل الأهواء وأهل البدع، من هذه الآية:{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}[آل عمران: ١٠٦] ... الآية. قال: فأي آية أبين من هذه؟ ورأيته يتأولها في أهل الأهواء، والتأويل الأول أولى؛ وقد مضى من قوله في رسم "الجنائز والصيد"، ما سمعت أن أحدا ممن يصلي القبلة ينهى عن الصلاة عليه، ومضى من كلامنا في هذا المعنى في رسم "الصلاة" الثاني، من سماع أشهب من كتاب الصلاة - ما فيه شفاء.
[مسألة: تغطية القبر بالثوب على المرأة]
مسألة وسئل ابن القاسم: عن تغطية القبر بالثوب على المرأة حين