تدفن، أواجب ذلك على الناس؟ ومن أولى من يفعل ذلك؟ ومن أولى من يدخل القبر لدفن المرأة في قرابتها؟ وكيف إن لم يكن لها قرابة؟
قال ابن القاسم: زوجها أولى الناس بها من أبيها وولدها؛ وأما الثوب فأراه حسنا أن يعمل به؛ لأنه ستر لها ألا يرى منها شيء من خلفها، فإن لم يكن قرابة من ذوي محرم، كان أهل الفضل - عندي - وأهل الصلاح أفضل في دخولها.
قال محمد بن رشد: أما استحسانه لستر قبر المرأة بالثوب عند الدفن فبين في المعنى، وأما قوله: إن أولى الناس بإدخالها في قبرها زوجها، فإنه صحيح على أصله في أن له أن يغسلها، وأنه أحق بذلك من قرابتها من النساء، وخالف في ذلك أهل العراق، وتعلقوا بما روي عن أنس بن مالك قال:«ماتت إحدى بنات النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يدخل القبر أحد قارف أهله الليلة» ؛ فلم يدخل زوجها، ولا حجة لهم في ذلك؛ لأن المعنى فيه أنه هو الذي كانت المقارفة بينه وبين أهله تلك الليلة، فعلم ذلك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكره أن يدخل قبرها؛ وأن يواجهه بذلك، إذ كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يواجه أحدا بما يكره، وإنما كان يقول ذلك تعريضا لأخلاقه الكريمة، فامتنع زوجها عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من الدخول في قبرها، لما سمعه من قوله، وفهمه من إرادته - وبالله التوفيق.