فوجب أن يعتبر بحنثه وإن كان العتق قد رده الدين فلا يحنث مرتين على ما قالوا في من حلف ألا يفعل فعلا ففعله مرة فحنث أنه لا يحنث بفعله مرة أخرى، ورجوع اليمين عليه أظهر لأن العتق إذا رد فكان الحنث لم يقع إذ لم يلزمه به حكم على ما قالوا في من حلف بعتق عبده ألا يفعل فباع العبد ثم فعل ذلك الفعل ثم اشتراه ففعله ثانية إن العتق يلزمه إذ لم يلزمه بالفعل الأول والعبد في غير ملكه شيء، ولو كانت يمينه ألا يبيع عبده من غير عتقه فرهنه فباعه السلطان عليه في ذلك الرهن لجرى وجوب حنثه على الاختلاف في من حلف ألا يفعل فعلا فقضى عليه السلطان به، وقد مضى ذلك في رسم العشور وغيره، فإذا حنث على القول بتحنيثه لم ترجع عليه اليمين إلا في مسألة الوتد في رسم حلف من سماع ابن القاسم، وإذا لم يحنث على القول بأنه لا يحنث رجعت عليه اليمين إلا على القول بأن الملك الثاني كعبد آخر، وإن من حلف ألا يفعل فعلا بعتق عبده فباعه ثم اشتريه ففعل ذلك الفعل لم يكن عليه شيء، وإلى هذا ذهب ابن بكير، جعل رجوع العبد إليه بعد البيع كرجوع الزوجة بعد الثلاث. وقال الشافعي: لا ترجع عليه اليمين في العبد بعد الشراء ولا في الزوجة بعد النكاح واحدة طلقها أو ثلاثا.
[مسألة: حلف على قريب له ألا يعيره ثوبا فوهبه له]
مسألة قال عيسى: قال ابن القاسم: لو أن رجلا حلف على قريب له ألا يعيره ثوبا فوهبه له قال: إن كان أراد ألا ينفعه فهو حانث وإن لم يكن أراد ألا ينفعه فالهبة غير العارية فلا أرى عليه شيئا.
قال محمد بن أحمد: وكذلك لو حلف ألا يعيره عارية فوهب له هبة ولو حلف ألا يهب له هبة فأعاره عارية لحنث إلا أن تكون له نية، قاله في المدونة، وذلك كله صحيح، والفرق بين المسألتين أن العارية هبة لأنها هبة لمنافع الشيء المعار، وليست الهبة عارية إذ لا ترجع إلى الواهب فإذا حلف الرجل ألا يعير رجلا ثوبا فوهبه له لم يكن عليه حنث إذ ليست الهبة عارية إلا