[: الطبيب يسقي النصراني أو المسلم الدواء فيموت منه]
ومن كتاب أوله كتاب عليه رجل ذكر حق وسئل مالك عن طبيب عالج رجلا فأتى على يديه فيه، قال: إن كان الطبيب ليس له علم، ووجد بينة أنه دخل في ذلك ظلما وجرأة، وأنه ليس ممن يعمل مثل هذا، وليست له به معرفة، فأرى أن يستأذن عليه، وإني لأحب للإمام أن يتقدم إلى هؤلاء الأطباء في قطع العروق وما أشبهه، ألا يقدم أحد منهم على عمله إلا بإذنه، فإني لا أزال أسمع بطبيب قد عالج رجلا فقطع عرقه أو صنع به شيئا، فأعنته فمات منه، ثم قال: أتى على يدي، ولم أره يجعل على الذي عرف بالعلاج فيعالج بما يعرف شيئا، ولكنه يستحب أن ينهى عن الأشياء التي فيها هلاك الناس إلا بإذن الإمام. قال عيسى: غر من نفسه أو لم يغر ذلك خطأ، وديته على عاقلته.
قال محمد بن رشد: تحصيل القول في هذه المسألة أن الطبيب إذا عالج الرجل فسقاه، فمات من سقيه، أو كواه فمات من كيه، أو قطع منه شيئا فمات من قطعه، أو الحجام إذا ختن الصبي فمات من ذلك، أو قلع ضرس الرجل فمات من ذلك، فلا ضمان على واحد منهما في ماله ولا على عاقلته إذا لم يخطئا في فعلهما، إلا أن يكون قد تقدم السلطان إلى الأطباء والحجامين ألا يقدموا على شيء مما فيه غرر إلا بإذنه، ففعلوا ذلك بغير إذنه، فأتى على أيديهم فيه بموت أو ذهاب حاسة أو عضو، فيكون عليهم الضمان في أموالهم، هذا ظاهر ما في رسم العقول بعد هذا في سماع أشهب.