فيما دون الثلث، وذلك خلاف الرواية المذكورة، وأما إذا أخطأ في فعلهما مثل أن يسقي الطبيب المريض ما لا يوافق مرضه، فيموت من ذلك، أو تزل يد الخاتن أو القاطع فيتجاوز في القطع، أو يد الكاوي فيتجاوز في الكي، أو يكون ما لا يوافقه الكي فيموت منه، أو يقلع الحجام غير الضرس التي أمر بها، وما أشبه ذلك، فإن كان من أهل المعرفة، ولم يغر مع نفسه فذلك خطأ يكون على العاقلة، إلا أن يكون أقل من الثلث فيكون ذلك في ماله، وأما إن كان لا يحسن وغر من نفسه، فعليه العقوبة من الإمام بالضرب والسجن، واختلف في الدية، فقيل: إنها تكون عليه في ماله، ولا يكون على العاقلة من ذلك شيء، وهو ظاهر قوله في هذه الرواية، وقيل: إن كان ذلك خطأ يكون على العاقلة، إلا أن يكون أقل من الثلث، فيكون ذلك في ماله، وأما إن كان لا يحسن وغر من نفسه، فعليه العقوبة من الإمام بالضرب والسجن.
واختلف في الدية، فقيل: إنها تكون عليه في ماله، ولا يكون على العاقلة من ذلك شيء، وهو ظاهر قوله في هذه الرواية، وقيل: إن كان ذلك خطأ يكون على العاقلة، إلا أن يكون أقل من الثلث، فيكون في ماله، وهو قول عيسى بن دينار هاهنا، وظاهر رواية أصبغ عن ابن القاسم في كتاب الديات؛ لأنه قال في الطبيب يسقي النصراني أو المسلم الدواء فيموت منه: إنه لا شيء عليه إلا أن يعلم أنه أراد قتله؛ لأن تأويل ذلك أن الدية على عاقلته مثل قول عيسى هاهنا، وظاهر رواية أصبغ عن ابن القاسم، والكفارة تابعة للدية، حيث ما لزمت الدية العاقلة؛ لكون القتل خطأ محضا أو في المال؛ لما فيه من شبهة العمد لزمت الكفارة، وحيث ما لم تلزم الدية لم تلزم الكفارة إلا استحسانا، حسبما قاله مالك في رسم البز، من سماع ابن القاسم، من كتاب الديات في الصبي تسقيه أمه الدواء، فيشربه فيموت.
وإذا تقدم السلطان إلى الأطباء ألا يداوي أحدهم ما يخاف منه، وفيه غرر إلا بإذنه، فوجه العمل في ذلك إذا استؤذن أن يجمع أهل تلك الصناعة، فإن رأوا أن يداوى العليل بذلك الدواء المخوف داواه به؛ لم يكن عليه شيء، ولا على عاقلته إن مات منه، وإن رأوا ألا يجبر عليه بذلك الدواء المخوف نهاه عن سقيه إياه، فإن تعدى ضمن في ماله، وقيل على العاقلة، وبالله التوفيق.