للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الصدقة كما قال في هذه الرواية. والذي أقول به أنه لا اختلاف في شيء من ذلك، وإنما اختلف الجواب في ذلك لافتراق المعاني، فإذا أهدى ما يهدى بعينه أو جعل في سبيل ما ينتفع به فيه بعينه لم يجز أن يمسكه ويخرج قيمته؟ وإذا أهدى ما لا يهدى بعينه وإنما سبيله أن يباع ويشترى بثمنه هدي جاز أن يمسكه ويخرج قيمته؛ وإذا جعل في السبيل ما لا ينتفع به فيه بعينه وهو مما يمكن أن يدفعه كما هو لمن يبيعه وينفقه في السبيل كره له أن يمسكه ويخرج قيمته من ناحية الرجوع في الصدقة، ولم ير ذلك حراما إذ لا ينتفع به الذي أعطيه في السبيل بعينه ولا بد له من بيعه، وبالله التوفيق.

[خلق النبي صلى الله عليه وسلم]

في خلق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال مالك: «وسئلت عائشة عن خلق النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأمره، فقالت: كان خلقه وأمره القرآن واتباعه» .

قال محمد بن رشد: المعنى في هذا أنه كان يعفو ويصفح ويحسن ويعرض عن الجاهلين ولا ينتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة لله فينتقم لله بها، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: ١٣٤] ولقوله عز وجل: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩] ولقوله: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: ٣٩] ولقوله في الزناة: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: ٢] الآية، وقوله في المحاربين:

<<  <  ج: ص:  >  >>