[مسألة: العامل بيده يقول للرجل العامل مثله أعني خمسة أيام وأعينك خمسة أيام]
مسألة وسئل مالك عن العامل بيده يقول للرجل العامل مثله: أعني خمسة أيام، وأعينك خمسة أيام، قال: لا بأس بذلك؛ لأن الناس يسألون عن مثل هذا كثيرا، يأتي الرجل إلى أخيه فيقول له: أعني على حصاد زرعي وعمله أياما، وأعينك مثل ذلك على حصاد زرعك ودراسه وعمله، فلا أرى بذلك بأسا تستعينه في أيام شغلك حتى يفرغ، ثم تعينه بعد فراغك في أيام شغل هذا الآخر أيضا، فلا أرى بهذا بأسا، والناس يتعاونون على الأعمال، إذا كثر عمل هذا أعانه هذا، وإذا كثر عمل هذا أعانه هذا.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إنه جائز لا بأس به؛ لما في ذلك من الرفق بالناس للتعاون على أعمالهم، وقد يكون العمل مما لا يقدر الواحد على عمله منفردا، فلو منع من هذا لأضر ذلك بالناس، وتعطلت عليهم أعمالهم إذا كان الكثير منهم لا يقدر على الاستئجار على عمله، وإن قدر مما استغرقته الإجارة، فكانت هذه ضرورة تبيح ذلك، وإنما يجوز ذلك فيما قل وقرب من الأيام، وإن اختلفت الأعمال، ففي رسم البيع والصرف من سماع أصبغ عن أشهب أنه قال: لا بأس أن يقول الرجل للرجل: أعطني عبدك النجار يعمل لي اليوم، وأعطيك عبدي الخياط يخيط لك غدا.
وقد سئل سحنون عن الرجل يقول للرجل: احرث لي اليوم، وأحرث لك غدا، قال: لا بأس بذلك. قيل له: فإن قال له: احرث لي في الصيف وأحرث لك في الشتاء؟ قال: لا خير فيه. قيل له: فالمرأة تقول للمرأة: انسج لي اليوم، وأنسج لك غدا، قال: لا بأس به، وإن قالت: انسج لي اليوم، وأغزل لك غدا. قال: إذا وصفت المغزل الذي تغزل به فلا بأس بذلك، وإلا لم يجز، وبالله التوفيق.