[مسألة: يهلك ويوصي للرجل بخمسين دينارا يتجر فيها سنة له ربحها]
مسألة قال مالك في الرجل يهلك ويوصي للرجل بخمسين دينارا يتجر فيها سنة له ربحها، وللهالك عليه خمسون دينارا حالة هو بها معسر، فيقول الورثة عليك خمسون دينارا حالة فإن أحببت أن تنقدناها ونعطيك الخمسين التي أوصى لك بها، وإن أحببت فهي نظرة لك سنة، إنه إن لم يكن بيده شيء يقبضونه منه، دفعت إليه الخمسون التي أوصى له بها، وابتغوا منه بعد ذلك الذي عليه إن وجدوا عنده شيئا.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأنه إذا كان معسرا بالخمسين التي عليه كان من حقه أن يؤخر بها حتى يوسر لقول الله عز وجل:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[البقرة: ٢٨٠] . فإن لزم الورثة أن يؤخروه بها، لزمهم أن يدفعوا إليه وصيته، ولو كان ميسرا بها لكان من حقهم أن يؤخروه بها في الوصية التي أوصى له بها، ولو كان ميسرا ببعضها، لكان من حقهم أن يؤخروه بما أيسر به منها، ويدفعوا إليه بقية الخمسين يتجر بها سنة، وكذلك لو كان عليه دين لغيرهم لكان من حقهم أن يحاصوا أهل الديون بجميع الخمسين، فما نابهم في المحاصة من ماله أخذوه ودفعوا إليه الخمسين يتجر بها سنة كما أوصى. وإن شاءوا نزعوا بيده ما صار لهم في المحاصة ووفوه بقية الخمسين يتجر بها سنة، كما أوصى له به موروثهم. وفي آخر رسم التسمية من سماع عيسى مسألة من هذا المعنى سنتكلم عنها إذا مررنا بها إن شاء الله عز وجل وبه التوفيق.