لتلبيته؛ لأن المدعو إنما يجيب الداعي حتى يصل إليه، ولا وجه لإجابته إياه في انصرافه عنه، وذلك ازدراء ممن فعله، ولذلك قال عكرمة لمن أراه يلبي في رجوعه من الحج: أراك رجل سوء؛ لأن إبراهيم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه إنما دعا الناس إلى الحج، كما أمره الله حيث يقول:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا}[الحج: ٢٧] من عرفة، فإليها ينتهي غاية الملبي.
[مسألة: لم يأت المسجد يوم عرفة أيجمع بين الصلاتين في رحله]
مسألة وسئل مالك عمن لم يأت المسجد يوم عرفة يصلي مع الإمام، وهو على ذلك الجمع بين الصلاتين في رحله، قال: نعم يتبع في ذلك السنة، وليجمعهما حين ترجع الشمس.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن المعنى في جمع الصلاتين عند الزوال إنما هو تعجيل الدفع إلى عرفة لفضل الوقوف بها من حينئذ، فينبغي له إذا لم يصل مع الإمام أن يجمع الصلاتين في رحله عند الزوال، ويدفع مع الناس إلى عرفة ليدرك من فضل الوقوف بها معهم ما أدركوا.
[مسألة: المحرم يقصر إزاره فيريد أن يصلي فيه ويعقده خلف قفاه]
مسألة وسئل مالك عن المحرم يقصر إزاره، فيريد أن يصلي فيه ويعقده خلف قفاه، قال مالك: لا يعقد المحرم إزاره خلف قفاه، ولكن إن لم يستطع أن يتوشح به اتزر به، فقيل له: أترى عليه صدقة إن عقده؟ قال: أرجو أن يكون واسعا إن شاء الله؛ يريد بذلك ألا يكون عليه شيء.
قال محمد بن رشد: الاختيار للمحرم أن يحرم في ثوبين يتزر بأحدهما، ويضطبع بالآخر، وهو أن يشتمله ويخرج منكبه الأيمن، ويأخذ طرفي الثوب من تحت إبطه الأيمن على منكبه الأيسر، فإن لم يكن له إلا ثوب