[ارتهن رهنا بألف دينار فلما جاء ليقضيه الألف أخرج إليه ثوبا ثمنه مائة دينار فقال هذا رهنك]
من نوازل سئل عنها أصبغ قال أصبغ في رجل ارتهن رهنا من رجل بألف دينار فلما جاء ليقضيه الألف ويدفع إليه رهنه، أخرج إليه ثوبا ثمنه مائة دينار، فقال: هذا رهنك، وقال الراهن: لا والله ما هذا رهني، وما كنت أنت لتأخذ رهنا بألف دينار، وهو لا يساوي إلا مائة دينار، وما أشبه ذلك، ولقد كان رهني الذي رهنتك بهذه الألف ثوبا وشِيًّا صفته كذا وكذا صفة يشبه مثلها، وأن يكون يسوى الألف أو نحوها. قال أصبغ: إذا تصادقا فيما رهن به الرهن، واختلفا في الرهن على فعل هذين، حتى يتباين هكذا ويتفاوت، رأيت القول قول الراهن؛ لأن قوله يشبه أن يكون مثل هذا الثوب الذي ادعى برهن، بألف. وقد أقر المرتهن أنه ارتهن منه الثوب بألف، وجاء بثوب لا يساوي إلا مائة دينار، فقد تبين كذبه فيما زعم، فالقول قول الراهن؛ لأنه ادعى ما يشبه، فله أن يحلف على صفة ثوبه الوشي، ويحاسبه بقيمته، وسقط عنه قول المرتهن؛ لأنه قد تبين كذبه حين ادعى ما لا يشبه، وكذلك كل متداعيين في الرهن والبيوع، إذا ادعى أحدهما ما يشبه، وادعى الآخر ما لا يشبه، فالقول أبدا قول الذي يشبه، وسقط قول الذي لا يشبه. قال أصبغ: وقد قال لي أشهب: إن القول قول المرتهن، وإن لم يسو إلا درهما، وهو باطل، ليس شيئا، وهو إغراق في العلم.
قال الإمام القاضي: الأشبه في هذه المسألة، ألا ينظر فيها إلى دعوى الأشباه، على ما قاله أشهب، وهو مذهب ابن القاسم، وظاهر قوله في رسم الرهون سماع عيسى بخلاف اختلاف المتبايعين في ثمن السلعة الفائتة؛ لأنه يبعد أن يبيع الرجل ما قيمته مائة، بعشرة، وأن يشتري المشتري ما قيمته