ومن كتاب أوله إن خرجت من هذه الدار سئل عن رجل أمي قرئ عليه كتاب فقال: أشهد على ما فيه، أتجوز شهادته وهو لا يصف ما فيه حتى يقرأ عليه؟ قال: نعم، تجوز شهادته، وليس كل الناس يسوقون كل ما أشهدوا عليه وإن كان ممن يكتب حتى يقرأ الكتاب، فإذا قرأه عرف شهادته وحفظها، ولو قيل له بعدما يقرأها أيستظهرها ما استظهرها، فإن كان عدلا وأثبت ما قرئ عليه جازت شهادته.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إنه ليس على الشاهد أن يستظهر الكتاب الذي وضع فيه شهادته، وحسبه أن يعرف ما تضمنه إذا قرئ أو قرأه فيقول: أشهد بما فيه، وهذا في الاستراعاءات التي تكتب على معرفة الشاهد فيضع فيه شهادته ثم يشهد بما تضمنت، وهذا إذا كان الشاهد من أهل اليقظة والفهم بمعاني ما تضمنه الكتاب إذا قرأه أو قرئ عليه، وأما إذا كان على غير هذه الصفة فلا ينبغي للحاكم أن يجيز شهادته إلا أن يؤديها لفظا فيقيدها عند الحاكم أو كاتبه على ما يشهد بها، وأما ما يشهد به المتعاملان على أنفسهما فليس على الشاهد أن يقرأ الكتاب ولا أن يقرأ عليه إن كان أميا، وحسبه إذا ذكر الشهادة أن يقول: أشهدني فلان وفلان على ما في هذا الكتاب عنهما وإن لم يقرأه ولا عرف ما فيه إلا أن يكون الشاهد من أهل العلم فيستحسن له إذا شهد على شيء مكتوب في كتاب أن يقرأه لئلا يكون فيه فساد، فإن رأى فيه فسادًا نبّه عليه فاستدرك فسخه قبل فواته، وبالله التوفيق.