قال الإمام القاضي: قد مضت هذه المسألة في رسم القبلة من سماع ابن القاسم وفي رسم العرية من سماع عيسى، وقول ابن القاسم أصح من قول سحنون؛ لأنه لا يلزم على قول سحنون إذا كان له على المفلس دين إلى أجل ألا يحاص الغرماء إلا بقيمة الدين إلى أجله.
[: الرجل إذا ادعى على الرجل مائة دينار فصالحه منها على خمسين إلى أجل]
ومن كتاب البيع والصرف قال: وسئل: عن رجل له على رجل حق فجحده إياه، فأراد إحلافه، فقال: لا تحلفني، وأخرني إلى سنة، وأنا أقر لك، فقال: لا خير فيه، وهو سلف جر منفعة، قلت له: إن وقع أيفسخ التأخير ويثبت الحق معجلا، والمقر يجحده ويقول: إنما أقررت ورضيت بما رضيت به من ذلك على ما جعل لي من التأخير افتداء من اليمين على رءوس الناس والشهرة والشغب والخصومة، ونحو ذلك من القول، وأنا أحلف ما له علي شيء، هل يكون له ذلك أم لا؟ وهل يسقط عنه إذا حلف مع سقوط التأخير الذي أسقطته؟
قال لي: نعم، يكون على رأس خصومته، وأرى ذلك له، ولا يلزمه من ذلك الإقرار شيء.
قال محمد بن رشد: قوله في تأخير الحق عنه على أن يسقط عنه اليمين إنه سلف جر منفعة، هو على أصل مالك في سماع أشهب في رسم البيوع، وعلى أصله أيضا في المدونة بدليل قوله في كتاب الصلح منها: إن الرجل إذا ادعى على الرجل مائة دينار، فصالحه منها على خمسين إلى أجل، إن ذلك جائز إذا كان مقرا خلاف قول ابن القاسم فيها: إن ذلك جائز، وإن كان منكرا؛ لأنه إن كان حقه حقا فله تأخيره، وإن كان باطلا فليس له أن يأخذ منه شيئا.
وقد مضى في رسم البيوع من سماع أشهب من القول على هذه المسألة ما فيه بيان، إن شاء الله وبه التوفيق.