يمين واحدة، حتى يريد إيجاب الكفارتين على نفسه كالنذور، والأصل براءة الذمة، فلا توجب عليه كفارة ثانية إلا بيقين.
[مسألة: باع سلعة فحلف ألا يضع من ثمنها شيئا فأوفاه المشتري ثمنها]
ومن كتاب أوله ليرفعن أمرا مسألة وسئل مالك عن رجل باع سلعة، فحلف ألا يضع من ثمنها شيئا، فأوفاه المشتري ثمنها، ثم قال له بعد ذلك: هب لي ما شئت، فقال مالك: إن كانت عليه يمينه غليظة، فلا يفعل ولا يهب شيئا، وإن كانت يمينا يكفرها، فليفعل وليكفر.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن ما رد إليه في المجلس من الثمن الذي قبضه منه، فكأنه لم يقبضه منه؛ إذ لم ينتفع به، والحالف ألا يضع من حقه شيئا، إنما مقصوده قبض جميع حقه، ليبين به وينتفع به، فوجب أن يحنث على أصولهم في أن الأيمان يراعى فيها قصد الحالف بها، لا مجرد لفظه، وسيأتي له نحو هذا في رسم الجنائز، من سماع أشهب، في الذي يحلف ألا يضع في بيع سلعته من كذا وكذا، فيبيع بما حلف عليه، ثم يضع له من الثمن في المجلس؛ إذ لا فرق بين المسألتين عنده، ولو رد إليه من الثمن شيئا أو وضعه عنه في غير المجلس بنية حدثت له في هبته، وأتى مستفتيا لنوي، ولم يكن عليه حنث على أصولهم، ولو كانت يمينه بعتق أو ما يقضى به عليه لم يصدق إلا بعد اليومين أو الثلاثة مع يمينه، قاله مالك في رسم طلق، من سماع ابن القاسم، من كتاب العتق، وهو على أصله في المدونة في مسألة الصرف من كتاب الصرف، ومسألة القراض من كتاب القراض، وغير ما مسألة من الحكم بالذرائع، وبالله التوفيق.