للذي له الدين في الحمالة أن يتبع أيهما شاء، وفي ظاهر ألفاظ المدونة في هذا اختلاف، مرة قال: إن ذلك كالحمالة، ولا سبيل له إلى المحال عليه، حتى يوجد للغريم مال، على قول مالك الثاني الذي اختاره ابن القاسم. ومرة قال: يبدأ بالذي أحيل عليه. فإن أفلس رجع على الذي أحاله، وذهب ابن الماجشون إلى أنه لا رجوع له عليه بحال، كالحوالة على أصل دين، وهو بعيد؛ لأنه إذا كان من حق المحال عليه أن يرجع على المحيل بما أدى عنه، فما الذي يمنع صاحب الحق أن يرجع عليه إذا فلس؟ فيتحصل في الحوالة على غير أصل دين أربعة أقوال؛ أحدها: إن له أن يأخذ أيهما شاء، وهو قول مالك في هذه الرواية، والثاني: إنه لا سبيل له إلى المحال عليه، إلا في عدم المحيل، وهو أحد قولي ابن القاسم في المدونة على ما اختاره من قول مالك في تفدية الغريم بالغرم على الحميل في الحمالة. والثالث عكس هذا القول؛ لأنه لا سبيل له إلى المحيل، إلا في عدم المحال عليه. وهو أحد القولين الظاهرين من المدونة ومن قول مالك وابن القاسم في المسألة التي بعد هذا. ووجهه، أنه جعل لفظ الحوالة كشرط التبدئة في الحمالة، والقول الرابع: إنه لا رجوع له على المحيل بحال، كالحوالة على أصل دين. وهو قول ابن الماجشون. وبالله التوفيق.
[مسألة: أحال غريما على عبده أو مكاتبه فأفلس أو عجز]
مسألة وقال مالك فيمن أحال غريما على عبده أو مكاتبه، فأفلس أو عجز، يرجع على السيد، فيقتضي منه حقه. قال ابن القاسم: وذلك إذا أحاله من غير دين يكون للسيد عليهما، فأما إن كان عليهما دين، والعبد مأذون له في التجارة، فليس له أن يرجع على سيدهما؛ لأن دين عليهما كأنه على أجنبي يحاص الغرماء بما