شهادتهما عليه إلا بشاهدين، وقوله: فإن قالا: نعم ثبتت شهادتهما، وإن قالا: لا كانا قاذفين هو من قول ابن القاسم على سبيل الإنكار بعد تمام ما حكي من معنى قولهما، كأنه قال: أثبتت شهادتهما إذا قالا نعم، وإلا كانا قاذفين هذا ما لا يصح، بل هما قاذفان على كل حال يحدان، وقد قيل: إن الشهادة على الزنى جائزة وإن تفرق الشهود ولم يأتوا معا، وعلى هذا القول يأتي ما وقع لابن القاسم في أول رسم المكاتب من سماع يحيى بعد هذا، وهو قول ابن الماجشون، واختلف أيضا إن كان الشهود في الزنى هم القائمون على المشهود عليه به، فقال ابن القاسم في رسم أوصى من هذا السماع: إن شهادتهم لا تجوز، وحكى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ أن شهادتهم جائزة، وإن كانوا هم القائمين بذلك مجتمعين جاءوا أو مفترقين إذا كان افتراقهم قريبا بعضهم من بعض، وبالله التوفيق.
[مسألة: طلق امرأته وأشهد رجلين فأمسكا عن ذلك زمانا ثم أرادا أن يشهدا]
مسألة وعن الرجل يطلق امرأته ويشهد على ذلك رجلين فأمسك الشاهدان عن ذلك زمانا وكانا مسخوطين أو غير ذلك، ثم أرادا: أن يشهدا فقالا: إن أعلمنا الحاكم أنه طلق منذ كذا وكذا لم تقبل شهادتنا، ولكننا نثبت الشهادة عليه الساعة؛ لأنا نشك أنه طلق ألبتة، قال: لا أرى أن يشهدا إلا على ما شهدا يسوقان ذلك على وجهه.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما مضى في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم خلاف ما في سماع سحنون ونوازله، والذي يأتي على ما في سماع سحنون ونوازله، وهو أصح القولين إن أثبتوا الشهادة عليه بالطلاق ولا يجبروا فيها بما يسقطها ويؤدي إلى إبطالها فيستباح بذلك وطء الحرام ووجه القول الآخر: أنه لا ينبغي للشاهد أن يقر الحكم بإعمال شهادة من لا تجوز شهادته، وهو ضعيف، وبالله التوفيق.